أمره فقد يتوب الله عليه قبل موته، وحقيقة الرشوة ما يأخذه القاضي ليحكم بحق أو يمتنع من ظلم وقوله تعالى:
* (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) *.
المراد به كفر دون الكفر الذي يخرج به الشخص من دين الإسلام ويحتاج من يريد أن ينكر على قاض للفحص العظيم عن كونه مختارا في أخذ الرشوة لغيره أو لنفسه وذلك بكثرة مخالطته فلا تكفي الإشاعة بأخذ الرشوة لكثرة تساهل الناس في هذا الزمان في ذمهم القضاة من غير أن يشاهدوا منهم أخذ الرشوة أو حكمهم بغير الحق، وربما أشاع الناس عن قاض أنه يأخذ الرشوة قياسا على من رأوه أخذها ويقولون بعيد عن مثل هذا أن يتورع عن مثل ذلك، ويا ليت شعري من يفسق هؤلاء القضاة كيف يسوغ له أن يطالب بالحقوق التي ثبتت عليهم فإنها غير ثابتة في اعتقاد هذا المفسق لهم: ففتش يا أخي على من يأخذ الرشوة مختارا ثم العنه بلعنة الله ولعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصن لسانك عن التجريح في قضاة الشريعة، إلا بطريق شرعي تقدر على إثباته، وإلا يخاف عليك الحبس والضرب، وإخراج وظائفك عنك تعزيزا لك على تجريح الحكام بغير طريق شرعي.
وقد وقع من بعض طلبة العلم أنه طلب منه تزكية بعض قضاة العساكر فأبى وقال هذا رجل فاسق فوشى بذلك بعض الأعداء وشهدوا عليه بأنه مصرح بفسق القاضي في المجالس، فأخرج عنه جميع وظائفه وصار يسوق عليه السياقات فلا يقبل منها أحدا، فإن اضطررت يا أخي إلى تزكية قاض فزكه، وور في ألفاظ التزكية حسب طاقتك، كما يفعله علماؤنا الآن والله يتولى هداك.
روى أبو داود والترمذي مرفوعا وقال حسن صحيح:
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.
وفي رواية لابن حبان في صحيحه مرفوعا:
" " لعنة الله على الراشي والمرتشي " ".
وروى الطبراني والبزار مرفوعا: " " الراشي والمرتشي في النار " ".
وروى الإمام أحمد بإسناد فيه نظر مرفوعا:
" " ما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنين، وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب " ".