وقد كثرت خيانة هذا العهد من جماعة من طلبة العلم ويحتجون بالمطالعة، حتى أني رأيت شخصا في جامع الأزهر يطالع في علم المنطق وصلاة الجماعة في العصر قائمة، فقلت له في ذلك فقال الوقت متسع، فقلت له: أما تعلم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الأعمال أفضل؟ فقال:
الصلاة لأول وقتها.
ثم قلت له: وبتقدير أن الوقت متسع فهل تقدر تجمع لك جماعة يصلون معك قدر هذه الجماعة؟ فانقطعت حجته وبقي على مطالعته فمثل هؤلاء لا يفلحون، فإن أوامر الله الخاصة بأوقات ينبغي تقديمها على الأوامر العامة، بل ربما يجب ولذلك كان الإنسان يقطع صلاة النافلة ويدخل في صلاة الجماعة إذا أقيمت مع أنه في النافلة بين يدي الله تعالى، كل ذلك اهتماما بشأن الجماعة، وفي الحديث:
يد الله مع الجماعة.
أي تأييده ورحمته وشفقته ونعمته، ففي ترك الجماعة حصول ضد ذلك للعبد.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا يتهاون أحد قط بعبادة ندب الشرع إليها إلا وعنده بقايا من النفاق، فمن أراد زوال تلك البقايا فعليه بالسلوك على يد شيخ ناصح يسلك به في حضرات الإيمان واليقين والنور ويخرجه من حضرات الشك والنفاق والظلمة وهناك يصير لا يشبع من خير ولا يمل من عبادة ولا يستثقل الخروج لصلاة الجماعة ولو في طرف البلد.
فإن كان عندك يا أخي ملل من العبادات فاسلك على يد شيخ يخرجك عن ذلك الملل والله يتولى هداك.
روى ابن ماجة والحاكم مرفوعا بإسناد صحيح:
" " من سمع النداء فارغا صحيحا فلم يجب فلا صلاة له " ". و في رواية لأبي داود وابن حبان في صحيحه مرفوعا:
" " من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر لم تقبل منه الصلاة التي صلاها قالوا وما العذر؟ قال خوف أو مرض " ".