والنميمة، والنظر إلى ما لا يحل ونحو ذلك كل ذلك إجلالا وتعظيما لما نحن فيه في حضرته الخاصة به، لأن المسجد بيت الله فهو كنهي الصائم عن الغيبة في رمضان مع أنها حرام في رمضان وغيره.
وقد ورد النهي عن تقذير المساجد بالأمور المحسوسة كالبول والبصاق، فقسنا عليها تقذيره بالأمور المعنوية، وفي الحديث:
" " إن أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة " " يعني في المسجد.
فعلم أنه لا ينبغي للجالس في المسجد أن يتهاون بتطاير شئ من بصاقه فيه، ولا أن يخرج فيه ريحا ولا أن يلغو فيه ولا أن يتهاون ويتساهل في الخواطر السيئات، ولا أن يأكل على حصره أو أرضه عسلا يعف عليه الذباب، ولا أن يأكل فيه ثوما أو بصلا أو شيئا مما له رائحة كريهة مطلقا كالسمك المقدد ونحو ذلك، ومن وقع في شئ مما ذكرناه فليبادر إلى التوبة وإزالة القذر منه على الفور إن كان حسيا وهذا العهد لا يقدر على العمل به من سكان المساجد وخدامها إلا القليل:
فيحتاج من يريد العمل به إلى شيخ يسلك به في درجات تعظيم الله عز وجل التعظيم الممكن للخلق حتى يوقفه في حضرة الله الخاصة، ويشاهد أهلها بعين قلبه وهم صفوف واقفون وساجدون على اختلاف طبقاتهم في التقريب، ويرى هناك من الملائكة كل ملك لو أراد أن يبلع السماوات والأرض في جوفه لهان عليه ذلك ومع ذلك فهو يرعد من هيبة الله، فإذا كانت هذه عظمة عبد من عبيد الله فكيف بسيده الذي لا يحيط بوصفه الواصفون.
وإيضاح ذلك أن رؤية الملك سبحانه في حضرته الخاصة وجنوده واقفون بين يديه، أكمل من شهوده بغير جنود ولذلك أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحضرات العلى، ليطلع على ما لم يكن عنده في الأرض من حيث العظمة الإلهية، فإن في الإنسان جزءا يزداد علما بالشهود فكان في الإسراء زيادات الآيات والعلامات وإعطاء العين حظها من النظر.
وتأمل يا أخي لو أن أحدا من ملوك الأرض لبس لبسة العوام وخرج مستخفيا في الناس إذا رأيته لا يقوم بقلبك تعظيمه كما تعظمه إذا رأيته في دست مملكته وعسكره، فكذلك القول في الحضرات الإلهية: