وسمعت سيدي عليا الخواص رضي الله عنه يقول: كل شئ شغلك عن الله لحظة واحدة في الدنيا فهو مشؤوم عليك في الدنيا والآخرة.
وكان سيدي محمد بن عنان رحمه الله تعالى إذا أتاه أحد بشئ من الدنيا انقبض وظهر أثر ذلك عليه. وأتاه مرة شخص بأربعين دينارا في صرة بعد صلاة الصبح فرماها في وجه صاحبها وقال له أما تستحي من الله تعالى تصبحنا بالدنيا ووبخه وقال له لا تعد إلى مثل ذلك أبدا.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: ينبغي للشيخ المقتدى به أن يجعل عنده شيئا من النقد نحو المائة دينار زائدة عن حاجته ليدفع خاطر الاهتمام في الرزق فإنه يدق معه في المقامات ولا يزول، فلكل شيخ له مشهد يدين الله تعالى به، فرضي الله عن الصادقين.
وبالجملة فلا يصح لك يا أخي عدم محبة الدنيا والمزاحمة عليها إلا بعد السلوك على يد شيخ ناصح تفني مرادك في مراده واختيارك في اختياره وإلا فلا تشم من الزهد فيها رائحة كما عليه غالب مريدي أشياخ هذا الزمان، فيموت شيخهم وهو متحسر على رؤية أحد منهم، أطاعه حتى صار زاهدا في الدنيا فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
روى الطبراني مرفوعا: " " هلاك آخر هذه الأمة بالبخل وطول الأمل " ".
وروى البزار مرفوعا: " " ينادي مناد كل يوم دعوا الدنيا لأهلها دعوا الدنيا لأهلها دعوا الدنيا لأهلها، من أخذ من الدنيا أكثر مما يكفيه أخذ حتفه وهو لا يشعر " ".
وروى الطبراني وغيره مرفوعا: " " ومن مد عينه إلى زينة المترفين كان مهينا في ملكوت السماوات " ".
وفي رواية: " " كان ممقوتا في ملكوت السماوات " ".
وروى ابن أبي الدنيا بإسناد جيد عن ابن عمر قال:
" " لا يصيب عبد من الدنيا شيئا إلى نقص من درجاته عند الله، وإن كان كريما " ".