للشيطان باستعمال ما يبعده منا خوف الوسوسة المضرة في إيماننا وأعمالنا.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ صادق يسلك به حتى يدخله الحضرات التي تحرق كل من قرب إليها من الشياطين ويصير الشيطان يفر من ظله وذلك بالزهد الكامل في حلال الدنيا إلا بقدر الضرورة، فإن من لم يزهد في الدنيا فهو أعمى القلب غارق في شهوات الدنيا لا يعرف طريق الآخرة، ومثل هذا يكون من حمير إبليس الذين يركبهم ويتصرف فيهم.
وإيضاح ذلك أن القوم جعلوا الحضرات ثلاثة: حضرة الله، وحضرة الخلق وحضرة الخيال التي هي في النوم، فمتى خرج المستيقظ من حضرة شهود أن الله يراه ركبه إبليس، لأنه واقف على باب الحضرة على الدوام ولا يمكنه الدخول أبدا، فمن توسوس في صلاته فهو لم يدخل حضرة الله فصلاته صورة لا روح فيها وهي باطلة في مذهب الخواص يجب عليهم إعادتها لأن الله تعالى ما سامح عباده بالغفلة إلا خارج الصلاة وأما فيها فلا، ولذلك أوجبنا الاستعداد لطرد إبليس لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وفي الحديث:
" " اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " ".
ولا يمكن العبد ذلك إلا بدخوله حضرته فافهم.
وسمعت سيدي عليا الخواص يقول: الدنيا كلها ابنة إبليس وكل من أحبها زوجها له ويصير إبليس يتردد إليه لأجل ابنته، بل سمعته يقول: أن الشيطان يتردد إلى من خطب ابنته ولو لم يدخل بها على الأصهار فإن أردت يا أخي الحفظ من وسوسته فلا تصاهره ولا تخطب ابنته وهذا باب غلط فيه غالب طلبة العلم فضلا عن العوام فتجد أحدهم لا ينفك عن السعي في تحصيل الدنيا صيفا وشتاء، ثم يطلب أن يصلي مثل صلاة الصالحين حين يسمع بذكر خشوعهم في الصلاة وحضورهم مع ربهم فيها، فتراه يقصر ويطول عند النية ويهمز في الهواء ويخطف النية حين هربت منه في الهواء، فلا يزال في وسوسة أقواله وأفعاله حتى صار غالبهم يجهر في الصلاة السرية، وبعضهم يترك الإحرام مع الإمام ويصبر حتى يركع الإمام فينوي ويركع معه بلا قراءة فاتحة خوفا أن يحرم عقب إحرامه، فيلزمه قراءة الفاتحة التي من شأنه أنه يتوسوس فيها فعمل به إبليس حتى فوته قراءة الفاتحة ومناجاة ربه في الركعة الأولى. وبعضهم يحلف بالطلاق الثلاث، وبالله تعالى أنه ما يزيد على نية واحدة ثم ينقض ذلك، ويقول استغفر الله أنسيت، وكل ذلك لإتيانهم البيوت من غير