من ذلك، قال لا فقال الشيخ عمر معاشر الفقراء اخفضوا أصواتكم في الذكر ومن قوي عليه وارد برفع الصوت فليرده ويكتمه ما استطاع ففعلوا، فحمل من المجلس ذلك اليوم نحو خمسمائة نفس مرضى واحترقت أكباد نحو أربعة عشر نفسا، وخرجت من أجنابهم فماتوا قال الشيخ أحمد فحسست بيدي على أكبادهم فوجدتها مشوية محروقة تفتتت كالكبد المشوي على الجمر فأرسل الشيخ عمر إلى ملا عبد اللطيف وجماعته، وقال: هل يقول عاقل إن مثل هؤلاء الذين ماتوا لهم تفعل في الموت ولكن سهم الله تعالى في البعيد قال الشيخ أحمد فتطبقت دار ملا عبد اللطيف تلك الليلة عليه وعلى أولاده وعياله وبهائمه وغلمانه، فلم يسلم أحد منهم وماتوا أجمعين، وكان يوما مشهودا في توريز.
فاعلم أنه ينبغي لطالب العلم أن يتلطف في العبارة للذاكرين. ولا يقوم عليهم كقيامه على من يخرجه من الدين، بل فعله ذلك هو الذي ينكر لأنه كالمنع من الدين ولو استحضر عظمة الله تعالى لما استطاع أن ينطق بكلمة في حق أحد من الذاكرين له.
فلازم يا أخي على الذكر وانصر أصحابه بالطريق الشرعي. إكراما لله تعالى وتعظيما له، وإن احتفت قرائن الرياء وعدم الإخلاص في الذاكرين فانصر طلبة العلم المخلصين، ولا تكن من الذين ينصرون أحد الفريقين بحظ النفس والله يتولى هداك.
وسمعت سيدي عليا المرصفي رحمه الله يقول: مراد الشارع صلى الله عليه وسلم ومشايخ الطريق من مريدهم، إذا أكثر من الذكر باللسان والقلب أن يحصل له الأنس ويصير قلبه لا يغفل ولا يتكلف للذكر، بل يكون الحق مشهوده على الدوام وتارة يشهد بقلبه وتارة يشهد هو، أنه في حضرة الله وإن الله يراه، وكلا الحالين إذا دام يمنع العبد من وقوعه في المعاصي وسوء الأدب مع الله تعالى، وما لم يكثر العبد من ذكر الله عز وجل لا يحصل له هذا الأنس، بل يقع في كل معصية كالبهائم السارحة.
وسمعته مرة أخرى يقول: من خاصية تمكن الذكر من القلب أن يهذب أخلاق صاحبه، فمن لم يتهذب فكأنه لم يذكر، فهذا مقصود الشارع والأشياخ بأمرهم المريد إكثاره من الذكر.
* (والله عليم حكيم) *.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: ما ثم كرامة للعبد أفضل من ذكر الله تعالى، لأنه يصير جليسا للحق كلما ذكر.