فقال هذا من الحشاش الذي أنكرت عليه، فإن الفقراء أجلسوه هناك يتوب الناس عن أكل الحشيش فلا يأخذها أحد من يده ويعود إلى أكلها أبدا حتى يموت، فأرسل استغفر له يرد عليك حالك، فأرسل له فبمجرد ما أقبل الرسول أنشده الشيخ:
نحن الحرافيش لا نسكن علالي الدور ولا نرائي ولا نشهد شهادة زور نقنع بلقمة وخرقة في مسجد مهجور من كان ذا الحال حاله ذنبه مغفور فلو كنا عصاة نبيع الحشيش ما أقدرنا الله على سلب شيخ الإسلام، ثم قال له:
سلم على شيخ الإسلام، وقل له اعمل أربعة خراف معاليف شواء وأربعمائة رغيف وتعال اجلس عندي، وكل من بعته قطعة حشيش زن له رطلا وأعطه رغيفا، فشق ذلك على شيخ الإسلام، فما زال به أصحابه حتى فعل ذلك، وصار يزن لكل واحد الرطل ويعطيه الرغيف والشيخ يبتسم، ويقول: نحن نحليهم في الباطن وأنت تحليهم في الظاهر، إلى أن فرغ الخرفان ثم قال له: اذهب إلى الديك الذي فوق سطح مدرستك فاذبحه وكل قلبه يرد لك علمك، فبالله عليك كيف تتكبر على المسلمين بعلم حمله الديك في قلبه، فمن ذلك اليوم ما أنكر الشيخ البلقيني على أحد من أرباب الأحوال.
هذه حكاية الشيخ أمين الدين عن والده الشيخ سراج الدين وكان قبل ذلك ينكر على سيدي علي بن وفا أشد الإنكار، حتى أنه تنكر ودخل من جملة المغاربة الذين يحضرون ميعاد سيدي علي فرأى الشيخ سراج الدين في رجله حبلا معقودا، وسيدي علي يحل عقده، والشيخ سراج الدين يعقدها وهو بين النائم واليقظان، فأنشده سيدي علي قصيدته التي أولها:
يا أيها المربوط إنا نريد حلك * وأنت تريد تربط رجلي إلى رجلك إلى آخرها، فلما وقعت له هذه الواقعة مع الحشاش تاب إلى الله عن الإنكار، وأوصى أن سيدي عليا يصب عليه الماء إذا مات ففعل له ذلك سيدي علي وقال والله رجع أمرك إلى سلامة.
وقد وقع للشيخ أبي بكر الدقوسي [الدسوقي؟؟] شيخ سيدي عثمان الحطاب وقائع غريبة مع هذا الحشاش وكان يتردد إليه كثيرا ويرسل له أصحاب الحوائج فيقضيها لهم على أتم حال، وكان يقول ما أخذها أحد من يده وعاد إلى بلعها.