ورأيت سيدي عليا الخواص يرسل الناس الذين لهم حوائج عند الله تعالى ويقول لهم:
روحوا إلى جامع الملك الظاهر بمصر يوم الأربعاء في صلاة العصر فاسقوا الشجرة النبق التي فيه، وقولوا: يا أولياء الله اقضوا حاجتي تقض حاجاتكم، فكانوا يذهبون ويسقونها فيقضي الله حوائجهم، فبلغ ذلك العالم الذي قدمنا انه مقت فأنكر على الشيخ وقال إيش خلى هذا لعباد الأوثان؟ فأعلمت الشيخ بذلك، فقال: إنما أرسل الناس في حيلة سقي الشجرة سترة للأولياء الذين يجتمعون تحتها يوم الأربعاء ليقضوا حاجة كل من راح هناك حين يسمعونه يذكر ذلك للشجرة، وكان ذلك كاللغز بينه وبين الأولياء الذين يصلون العصر تحتها في كل يوم أربعاء، وإلا فهو يعلم أن الله تعالى لم يجعل للشجرة قضاء حاجة أحد من الناس، ولولا أن الأولياء الذين يحضرون يحبون الخفاء ويتشوشون من إظهارهم للناس لكان الشيخ يرسل الناس إليهم دون الشجرة، فلذلك راعى الشيخ خواطرهم.
وسمعته مرة يقول: لله تعالى رجال إذا مروا على جماعة من العصاة فسلموا عليهم، أمنهم الله من عذابه، ولله رجال أقامهم في قضاء حوائج الناس فيقضون حوائجهم في السر ثم يرسلونهم إلى من اشتهر بالصلاح في بلدهم لتقضي حاجتهم ظاهرا لا باطنا، ويسترون بذلك نفوسهم ويكبرون بغيرهم ممن لا سر له ولا برهان، ثم يسألون الله أن يحميه من الدعوى، ولله رجال يسقون الناس الماء في الأسواق وعلى الأسبلة التي على الطرقات، فلا يشرب أحد منهم إلا ويملؤونه مددا، فيقوم ذلك مقام الأخذ للطريق، ولله رجال نصبهم لتحمل البلايا والمحن عن أهل بلدهم أو إقليمهم، ومع ذلك فهم يبغضونهم وينكرون عليهم ليلا ونهارا فلا يصدهم الإنكار عن تحملهم البلايا عنهم، فيبيت الولي منهم سهرانا بالضارب تنام الإنس والجن وهو لا ينام والناس يضحكون ويلعبون ويتلذذون بالنساء على الفرش لا يحسون بشئ مما يتحملوه عنهم مما كان نازلا عليهم ولله رجال يسألون الله تعالى أن يكبر جثتهم في النار لأجل تحقيق الوعد من الله بملئها فيحملون عن آلاف من العصاة حرقهم بالنار، وهذه فتوة ما سمعنا بمثلها إلا عن الشبلي رضي الله تعالى عنه، فإنه كان يقول: أتمنى على الله تعالى أن يكبر جثتي في الآخرة حتى يملأ بها طباق النار كلها ولا يدخل أحد من هذه الأمة النار محبة في نبيها محمد صلى الله عليه وسلم اه.
وسمعته مرة أخرى يقول: إياكم أن تزدروا أحدا من أصحاب الحرف الدنيئة،