كالقراد والمخبط والشوذب، فإن الله تعالى ربما أعطاهم القوة على سلب إيمان العلماء والصالحين حال رؤية العالم أو الصالح نفسه عليهم، فإن أكبر الأولياء يقدر على سلبه أصغر الناس إذا رأى نفسه على أحد من الخلق.
كما حكي عن سيدي محمد بن هارون الذي كان أخبر بسيدي إبراهيم الدسوقي وهو في ظهر أبيه، إنه كان إذا خرج من صلاة الجمعة يشيعه الناس إلى داره، لا يكاد أحد منهم يقدر على التخلف عنه اغتناما لرؤيته ولحظه، فمر يوما على صبي تحت حائط يفلي ثوبه من القمل وهو ماد رجليه لم يضمها، فقال سيدي محمد في سره هذا الصبي قليل الأدب، يمر عليه مثلي ولا يضم رجليه، فسلب لوقته، وتفرقت عنه الناس، فما وصل داره ومعه أحد، فتنبه لنفسه ورجع للصبي يستغفر في حقه، فلم يجده فسأل عنه أين ذهب؟ فقال له:
هذا صبي القراد ولعله ذهب إلى الإسكندرية، فسافر الشيخ إليه فلم يجده فقالوا له:
لعله ذهب إلى المحلة الكبرى، فرجع إلى المحلة فلم يجده، فقالوا لعله سافر إلى مصر فرجع الشيخ إلى مصر فوجده في الرميلة فلما وقف على الحلقة، قال القراد الكبير للصبي، أقم وجهك هذا زبونك جاء فتلاهى عن الشيخ حتى فرغ من اللعب ثم دعاه، وقال مثلك في العلم والصلاح والشهرة ينبغي له أن يخطر في باله أنه خير من أحد من خلق الله عز وجل، أما تعلم أن ذلك ذنب إبليس الذي طرد لأجله عن حضرة الله عز وجل، فقال: التوبة، فقال: وكلنا نتوب عن مثل ذلك، ثم قال المعلم للصبي يا قريمزار أين وضعت علمه ومعارفه حين سلبته، فقال في قلب السحلية التي كنت أفلي قميصي عند شقها في الحائط الفلاني، فقال له: رد عليه حاله فقال قريمزار: قل لها بأمارة ما وضع لك قريمزار اللباب على باب شقك ردي إلي حالي، فذهب سيدي محمد بن هارون إلى بلده ونظر في شقها وذكر لها الأمارة، فخرجت ونفخت في وجهه فرد عليه حاله وإذا بالخلق انقلبت إليه يقبلون أقدامه حتى أذى بعضهم بعضا من الزحام، ثم أخذ الشيخ هدية لقريمزار وسافر إليه فقال له كيف ترى نفسك بعلم تستقل بحمله سحلية؟ فمن ذلك الوقت ما ازدرى الشيخ أحدا من خلق الله حتى مات.
فانظر يا أخي كيف أخذ سيدي محمد بن هارون مع جلالة قدره حتى سلبه صبي قراد.
(يتبع...) (تابع... 1): روى أبو يعلى والبزار وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه مرفوعا: " " وما......
وحكى الشيخ الإمام العالم العلامة السيد الشريف بزاوية الحطاب بمصر، قال: كان ابن البساطي شيخ سوق الوراقين ممحونا بابنة عمه، فرأت يوما في فخذه بدؤ البرص