يشق عليك، فإننا نراك تسهر في ليالي الأعراس كذا وكذا ليلة وربما كان ذلك من غير نية صالحة ولا امتثال لأمر الشارع، فامتثال ما أمرك به أولى.
وقد قلت مرة لشخص من أبناء الدنيا تعال اسهر معنا هذه الليلة وكانت ليلة العيد الأصغر، فتعلل بأن السهر يضره، فقلت له بالله عليك اصدقني إذا أردت أن تفتح مطلبا وأبطأ عليك البخور الذي تطلقه من العشاء إلى الفجر هل كنت تسهر إلى الصباح تترقب مجيئه؟ فقال نعم، فقلت له: فإذا أبطأ من بعد الفجر إلى المغرب هل كنت تترقبه ولا تنام؟ فقال نعم، فدرجته إلى تسعة أيام وهو يجد من نفسه أنه يقدر على السهر من غير وضع جنبه إلى الأرض، فقلت له في اليوم العاشر فقال لا أقدر، فقلت له:
يا أخي فإذا أنت تؤثر الدنيا على الآخرة؟ فقال نعم: ولو كنت أحب الآخرة لكان الأمر بالعكس.
فقلت له: فإذن يجب عليك اتخاذ شيخ يخرجك من محبة الدنيا وشهواتها حتى تنقلب تلك الداعية التي كانت عندك في فتح المطلب إلى محبة الأجر الأخروي وتصير تحس بنفسك أنك تقدر تسهر في الخير تسعة أيام بلياليها من قوة الداعية، كما هو شأن أهل الله على الدوام، وذلك أنهم كانوا إذا دعوا للسهر في الخير أجابوا وإذا دعوا للسهر في التفرج على المخبطين لا يجدون لهم داعية وذلك لاعتناء الحق تعالى بهم وراثة محمدية، كما ورد أنه صلى الله عليه وسلم عزم ليلة وهو شاب أن يسهر مع فتيان مكة في لهو فأخذ الله بروحه إلى الصباح، فلم يستيقظ حتى أحرقه حر الشمس.
فاسلك يا أخي على يد شيخ حتى لا تصير تجد ثقلا من العبادة، وبمجرد ما يأتي وقت عبادة أمرك الحق تعالى بها تتوفر الدواعي منك على فعلها، ولو كان وراءك ألف غرض تركته لئلا يفوتك امتثال أمر ربك أو الأجر الباقي الذي جعله لك الحق في ذلك الأمر بل تعمل إذا عارضك أحد في طريقه ومنعك منه ألف حيلة، كما تفعل ذلك في أهوية نفسك فتأمل ذلك والله يتولى هداك.
روى ابن ماجة مرفوعا ورواته ثقات إلا واحدا:
" " من قام ليلتي العيدين محتسبا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب " ".
وفي رواية للأصبهاني مرفوعا: " " من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة: