أذوب خجلا وحياء من الله لما أتعاطاه من سوء الأدب معه حال خطابه في الصلاة، فإن أمهات آداب خطابه تعالى مائة ألف أدب، ما أظن أنني عملت منها بعشرة آداب، فأنا إذا وقفت بين يديه في صلاة أو غيرها من العبادات إلى العقوبة أقرب فكيف أطلب الثواب.
وسمعته مرة أخرى يقول: يجب على العبد أن يستقل عبادته في جانب الربوبية ولو عبد ربه عبادة الثقلين بل ولو عبده هذه العبادة على الجمر من ابتداء الدنيا إلى انتهائها ما أدى شكر نعمة إذنه له بالوقوف بين يديه في الصلاة لحظة ولو غافلا، وكذلك ينبغي له إذا قلت طاعاته أن يرى أن مثله لا يستحق ذلك القليل، ومن شهد هذا المشهد حفظ من العجب في أعماله وحفظ من القنوط من رحمة الله تعالى.
وقال له مرة شخص يا سيدي ادع لي، فقال يا ولدي ما أتجرأ أسأل الله في حاجة وحدي لا لنفسي ولا لغيري، اصبر حتى تجتمع مع الناس في صلاة العصر وندعو لك معهم في غمارهم.
وسمعت أخي أفضل الدين يقول: والله إني لأقوم أصلي بالليل فأرى نفسي بين يدي الله كالمجرم الذي قتل النفس وفعل سائر الفواحش وأتوا به إلى الوالي يتلفه، وأرى الجميلة لله تعالى الذي أذن لي في الوقوف بين يديه ولم يطردني في جملة واحدة كما طرد التاركين للصلاة.
وسمعته مرة أخرى يقول: من شرط الكامل في الطريق أنه يكاد يذوب حياء من الله تعالى إذا تلا كلامه وإن كان الله تعالى قد أذن في تلاوة كلامه للكبير والصغير ولكن من شرط العارف أن لا يتلو كلامه إلا بالحضور معه تعالى، لأن قراءة كلامه مناجاة له تعالى وكيف حال من يناجي رب الأرباب وهو غافل، فوالله لو رفع الحجاب لذاب كل تال للقرآن كما أشار إليه قوله تعالى:
* (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا) *.
وقوله تعالى: * (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله) *.
وهنا أسرار يذوقها أهل الله تعالى لا تذكر إلا مشافهة لأهلها.