فاسلك يا أخي على يد شيخ حتى يخرجك عن حكم الطبيعة وتصير تعامل الخلق بالرحمة والشفقة، وإلا فمن لازمك الخوف من عتاب المخلوقين.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: أولياء الله أشفق على العباد من أنفسهم لأنهم يمنعونهم من الشهوات التي تنقص مقامهم وهم لا يفعلون بأنفسهم ذلك أبدا ما أمكنهم وراثة محمدية.
فاعلم ذلك واعمل له، والله يتولى هداك:
* (وهو يتولى الصالحين) *.
روى الشيخان وغيرهما واللفظ للبخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
قال الله عز وجل: " " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر وإذا لقي ربه فرح بصومه " ".
وفي رواية لمسلم: " " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي " ".
وفي رواية لمالك وأبي داود والترمذي:
وإذا لقي الله عز وجل فجزاه فرح الحديث.
قلت: وإنما كان الصائم يفرح بهذين الشيئين لأن الإنسان مركب من جسم وروح فغذاء الجسم الطعام وغذاء الروح لقاء الله. والله أعلم.
قال الحافظ: ومعنى قوله الصيام جنة بضم الجيم وما يجن العبد ويستره ويقيه مما يخاف، فقال: ومعنى الحديث: إن الصوم يستر صاحبه ويحفظه من الوقوع في المعاصي.