أو من الخميس إلى الاثنين، أو من الأيام البيض إلى الأيام البيض، أو من الشهر الحرام إلى الشهر الحرام، أو من عاشوراء إلى عاشوراء، أو من يوم عرفة إلى يوم عرفة، كل صوم يكون جنة منه إلى نظيره من الصوم الذي بعده كل جنس بما يقابله، فللاثنين دائرة وللخميس دائرة، وللأيام البيض دائرة، وللشهر الحرام إلى مثله دائرة، وليوم عرفة إلى مثله دائرة، وليوم عاشوراء إلى مثله دائرة، ولكل دائرة حفظ من أمور خاصة، بها فلا يصل إبليس إلى العبد ليوسوس له بها كنظيره من الصلاة والزكاة والحج والوضوء والركوع والسجود، فلكل منهما ذنوب تكفر بها، فلا يكفر عمل ما يكفر غيره من الأعمال، ويؤيد ما قلناه خبر مسلم مرفوعا:
الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: إنما كان صوم رمضان شهرا كاملا إما تسعا وعشرين أو ثلاثين، لأن أصل مشروعيته كان كفارة للأكلة التي أكلها آدم عليه السلام من الشجرة، فأمره الله تعالى بصومه كفارة لها.
وقد ورد أنها مكثت في بطنه شهرا حتى ذهبت فضلاتها، وورد الشهر يكون ثلاثين ويكون تسعا وعشرين فافهم.
واعلم أن فائدة الصوم لا تحصل إلا بالجوع الزائد على الجوع الواقع عادة في غير رمضان فمن لم يزد في الجوع في رمضان فحكمه كحكم المفطر، سواء في عدم سد مجاري الشيطان لا سيما إن تنوع في المآكل والمشارب وأنواع الفواكه وتعشى عشاء زائدا عن الحاجة، ثم تعتم بالكنافة أو الحلاوة أو الجبن المقلي ثم تسحر آخر الليل كذلك، فإن مثل هذا ينفتح من بدنه للشيطان مواضع زائدة عن أيام الإفطار فتكثر مجاري الشيطان التي يدخل منها إلى هلاكه في مثل هذا الشهر العظيم، الذي فيه ليلة القدر خير من ألف شهر، وهي مدة أعمار الناس الغالبة وهي ثلاث وثمانون سنة، فلو زنت عبادة العبد طول هذا العمر مع أعماله في ليلة القدر لكانت ليلة القدر أرجح من سائر أعماله الخالصة الدائمة التي لا يتخللها فتور فكيف بالأعمال التي دخلها الرياء وتخللها معاص وسيئات وغفلات وشهوات.
ومن نظر بعين البصيرة وجد جميع صوم الأيام التي قبل ليلة القدر كالاستعداد والتطهير