دون القيام والركوع وغيرهما، لما ورد أنها حالة أقرب ما يكون العبد فيها مع ربه عز وجل فلا يقدر إبليس يدخل لقلب العبد فيها حتى يوسوس له، ولو جعل الجابر غير السجود لربما كان يوسوس للعبد فيحتاج الجابر لجابر آخر وإنما استحب بعض العلماء صومها متوالية غير متفرقة في الشهر لأن التوالي أقرب في جلاء الباطن من المتفرق ولذلك سن الأشياخ الخلوة على التوالي من ثلاثة أيام إلى أربعين يوما إلى أكثر من ذلك حسب القسمة الإلهية لتتوالى جمعية قلوبهم بالحق تعالى، كما يشهد لذلك حديث البخاري وغيره في تحنثه صلى الله عليه وسلم قبل النبوة بغار حراء.
ومن هنا أمر الأشياخ مريديهم في حال الخلوة بالجوع وترك اللغو وتوالي الذكر وعدم النوم، وذلك لتتراكم الأنوار وتتقوى فينهزم جيش الشياطين، ويكون حزب الله هم الغالبون.
وإيضاح ذلك أنه إذا تخلل الخلوة غفلة أو شبع أو لغو أو نوم فإن الظلمة تغلب على تلك الأنوار المتفرقة لكون الظلمة هي الأصل، إذا الطين هو الغالب في نشأة البشر على النور، فما لم يكون عسكر النور أقوى لم يخرج الإنسان عن الظلمة والكثافة، فقد بان لك حكمة صوم الستة أيام المذكورة، وحكمة صومها على التوالي والله يتولى هداك:
* (وهو يتولى الصالحين) *.
روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيره مرفوعا: " " من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر " ".
وزاد الطبراني فقال أبو أيوب كل يوم بعشرة يا رسول الله؟ فقال: نعم قال الحافظ المنذري ورواة الطبراني رواة الصحيح.
وفي رواية لابن ماجة والنسائي مرفوعا:
" " من صام ستة أيام بعد الفطر كان كصيام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " ".
وفي رواية للنسائي مرفوعا: فشهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة بشهرين، فذلك صيام سنة.