وفي رواية بالجبة بالباء الموحدة، فالمنفق كلما أنفق اتسعت عليه النعم وسبغت ووفرت حتى تستره سترا كاملا شاملا، والبخيل كلما أراد أن ينفق منعه الحرص والشح وخوف النقص، فهو يمنعه طلبا للمزيد والسعة زيادة على ما عنده فلا تزيد النعم عليه ولا تتسع ولا يستر بها ما يريد ستره. والله أعلم.
وروى الطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقيس بن سلع الأنصاري:
أنفق ينفق الله عليك قالها ثلاث مرات.
وكان يقلل النفقة فأنفق فصار أكثر أهله مالا.
وروى البزار بإسناد حسن والطبراني: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على بلال وعنده صبر من تمر، فقال ما هذا يا بلال؟ قال أعددته لأضيافك قال:
أما تخشى إن يكون لك دخان من جهنم، أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا.
وفي رواية للطبراني: أما تخشى أن يكون لك بخار في جهنم.
وروى الشيخان وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت أبي بكر:
لا توكي فيوكأ عليك.
وفي رواية لهما: أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك.
قال الخطابي ومعنى لا توكي لا تدخري، والإيكاء: سد رأس الوعاء بالوكاء، وهو الرباط الذي يربط له. يقول لا تمنعي ما في يدك، فيقطع الله مادة بركة الرزق عليك.
وروى البزار والحاكم وقال صحيح الإسناد عن بلال، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا بلال مت فقيرا ولا تمت غنيا؟ قلت وكيف لي بذلك؟ قال: ما رزقت فلا تخبأ، وما سئلت فلا تمنع. فقلت: يا رسول الله، وكيف لي بذلك؟ قال: هو ذاك أو النار.
وروى الطبراني بإسناد حسن أن طلحة بن عبيد الله جاءه مال كثير في يوم، فقال لغلامه أدع لي قومي فدعاهم، فقسمه عليهم ولم يبق لنفسه شيئا وكان أربعمائة ألف.