وهذا محمول على من كان ضعيف اليقين كما يدل عليه نحو قوله صلى الله عليه وسلم لكعب بن مالك:
أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك.
وقوله لبلال: أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا فافهم.
فلا ينبغي لمن معه ما يزيد على حاجته أن يتصدق به إلا إن يكون قوي اليقين من الأغنياء أو من المتجردين.
أما من يأكل من كسب ربحه، فله أن يمسك رأس ماله وما بقي من ربحه ينفقه على الأقارب وغيرهم، وربح الألف الآن خمسة أنصاف كل يوم للعامل، فمن لا يكفيه لنفقته ونفقة عياله وضيوفه كل يوم إلا عشرة أنصاف فله أن يمسك الألفي دينار أو أكثر بحسب حاجته ومن يكفيه كل يوم نصف فله أن يمسك نصفا وقس على ذلك، وليس اللوم إلا على من يجمع ويمنع، نسأل الله اللطف.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لكل خلق من أخلاق النبوة كرب في مقابلة تركه يوم القيامة، فمن لم يطعم لله جاء يوم القيامة جيعانا، ومن لم يسق الماء لله جاء يوم القيامة عطشانا، ومن آذى الناس جاء يوم القيامة يؤذي، ومن لم يستر مسلما لله جاء يوم القيامة مهتوكا مكشوف السوءة على رؤوس الأشهاد، ومن لم ينفس عن مسلم كربة جاء يوم القيامة مكروبا، ومن لم يسامح أحدا في حقه كان يوم القيامة تحت أسر من له عليه حق، ومن ازدرى بالناس ازدري هناك، وهكذا فلا يجني أحد إلا ثمرة عمله في الدنيا والآخرة كما ستأتي الإشارة إلى ذلك في أحاديث العهد الثالث إن شاء الله تعالى.
ومن وصية سيدي سالم أبي النجاء القوي رضي الله عنه لأصحابه وهو محتضر: اعلموا يا إخواني أن الوجود كله في الدنيا والآخرة يعاملكم بحسب ما برز منكم من الأعمال، فانظروا كيف تكونون.
* (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) *.
روى الشيخان وغيرهما مرفوعا: " " ما من يوم يصبح على العباد إلا وملكان ينزلان من السماء فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا " ".