وآله وسلم: عرفه ثلاثا ففعل فلم يجد أحدا يعرفه فقال: كله اه. وينبغي أيضا أن يقيد مطلق الانتفاع المذكور في حديث الباب بالتعريف بالثلاث المذكور، فلا يجوز للملتقط أن ينتفع بالحقير إلا بعد التعريف به ثلاثا حملا للمطلق على المقيد، وهذا إذا لم يكن ذلك الشئ الحقير مأكولا، فإن كان مأكولا جاز أكله، ولم يجب التعريف به أصلا كالتمرة ونحوها لحديث أنس المذكور، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بين أنه لم يمنعه من أكل التمرة إلا خشية أن تكون من الصدقة، ولولا ذلك لاكلها. وقد روى ابن أبي شيبة عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنها وجدت تمرة فأكلتها وقالت لا يحب الله الفساد. قال في الفتح: يعني أنها لو تركتها فلم تأخذه فتأكل لفسدت. قال: وجواز الاكل هو المجزوم به عن الأكثر اه. ويكن أن يقال: إنه يقيد حديث التمرة بحديث التعريف ثلاثا كما قيد به حديث الانتفاع، ولكنها لم تجر للمسلمين عادة بمثل ذلك، وأيضا الظاهر من قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأكلتها أي في الحال، ويبعد كل البعد أن يريد صلى الله عليه وآله وسلم لأكلتها بعد التعريف بها ثلاثا، وقد اختلف أهل العلم في مقدار التعريف بالحقير، فحكي في البحر عن زيد بن علي والناصر والقاسمية والشافعي أنه يعرف به سنة كالكثير، وحكي عن المؤيد بالله والامام يحيى وأصحاب أبي حنيفة أنه يعرف به ثلاثة أيام. (واحتج) الأولون بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: عرفها سنة قالوا: ولم يفصل، واحتج الآخرون بحديث يعلى بن مرة وحديث علي وجعلوهما مخصصين لعموم حديث التعريف سنة وهو الصواب لما سلف، قال الإمام المهدي: قلت الأقوى تخصيصه بما مر للحرج اه. يعني تخصيص حديث السنة بحديث التعريف ثلاثا.
وعن عياض بن حمار قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل أو ليحفظ عفاصها ووكاءها فإن جاء صاحبها فلا يكتم فهو أحق بها، وإن لم يجئ صاحبها فهو مال الله يؤتيه من يشاء رواه أحمد وابن ماجة. وعن زيد بن خالد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يأوي الضالة إلا ضال ما لم يعرفها رواه أحمد ومسلم. وعن زيد بن خالد قال سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن اللقطة الذهب والورق فقال: اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من