نحوه البيهقي في الخلافيات عن ابن عباس موقوفا وصححه، وابن أبي شيبة بنحوه عنه أيضا. وعن أنس أشار إليه الترمذي وقد استدل بأحاديث الباب من جعل الاشهاد شرطا، وقد حكي ذلك في البحر عن علي وعمر وابن عباس والعترة والشعبي وابن المسيب والأوزاعي والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل. قال الترمذي:
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم قالوا: لا نكاح إلا بشهود لم يختلفوا في ذلك من مضى منهم إلا قوم من المتأخرين من أهل العلم، وإنما اختلف أهل العلم في هذا إذا شهدوا واحدا بعد واحد، فقال أكثر أهل العلم من الكوفة وغيرهم: لا يجوز النكاح حتى يشهد الشاهدان معا عند عقدة النكاح وقد روى بعض أهل المدينة: إذا شهد واحد بعد واحد فإنه جائز إذا أعلنوا ذلك، وهو قول مالك بن أنس وغيره. وقال بعض أهل العلم: يجوز شهادة رجل وامرأتين في النكاح وهو قول أحمد وإسحاق، انتهى كلام الترمذي. وحكي في البحر عن ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن مهدي وداود أنه لا يعتبر الاشهاد. وحكي أيضا عن مالك أنه يكفي الاعلان بالنكاح، والحق ما ذهب إليه الأولون لأن أحاديث الباب يقوي بعضها بعضا، والنفي في قوله لا نكاح يتوجه إلى الصحة، وذلك يستلزم أن يكون الاشهاد شرطا لأنه قد استلزم عدمه وعدم الصحة، وما كان كذلك فهو شرط. واختلفوا في اعتبار العدالة في شهود النكاح، فذهبت القاسمية والشافعي إلى أنها تعتبر. وذهب زيد بن علي وأحمد بن عيسى وأبو عبد الله الداعي وأبو حنيفة أنها لا تعتبر، والحق القول الأول لتقييد الشهادة المعتبرة في حديث عمران بن حصين وعائشة اللذين ذكرهما المصنف، وكذلك حديث ابن عباس الذي ذكرناه بالعدالة.
باب ما جاء في الكفاءة في النكاح عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: جاءت فتاة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته قال: فجعل الامر إليها فقالت: قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس