جواز الاعتماد على الكتابة والخط ولو لم يقترن ذلك بالشهادة، وخص محمد بن نصر من الشافعية ذلك بالوصية لثبوت الخبر فيها دون غيرها من الاحكام. قال الحافظ:
وأجاب الجمهور بأن الكتابة ذكرت لما فيها من ضبط المشهود به، قالوا: ومعنى قوله: وصيته مكتوبة عنده أي بشرطها. وقال المحب الطبري: إضمار الاشهاد فيه بعد، وأجيب بأنهم استدلوا على اشتراط الاشهاد بأمر خارج كقوله تعالى: * (شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية) * (سورة البقرة، الآية: 180) فإنه يدل على اعتبار الاشهاد في الوصية. وقال القرطبي:
ذكر الكتابة مبالغة في زيادة التوثق، وإلا فالوصية المشهود بها متفق عليها ولو لم تكن مكتوبة اه. وقد استوفينا الأدلة على جواز العمل بالخط في الاعتراضات التي كتبناها على رسالة الجلال في الهلال فليراجع ذلك فإنه مفيد.
وعن أبي هريرة قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله أي الصدقة أفضل أو أعظم أجرا؟ قال: أما وأبيك لتفتأن أن تصدق وأنت شحيح صحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء ولا تمهل، حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان رواه الجماعة إلا الترمذي.
قوله: أي الصدقة أفضل أو أعظم في رواية للبخاري أفضل، وفي أخرى له أعظم. قوله: لتفتأن بفتح اللام وضم الفوقية وسكون الفاء وبعدها فوقية أيضا ثم همزة مفتوحة ثم نون مشددة وهو من الفتيا. وفي نسخة: لتنبأن بضم التاء وفتح النون بعدها باء موحدة ثم همزة مفتوحة ثم نون مشددة من النبأ. قوله: أن تصدق بتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين وأصله أن تتصدق والتشديد على الادغام. قوله: شحيح قال صاحب المنتهى: الشح بخل مع حرص. وقال صاحب المحكم: الشح مثلث الشين والضم أولى وقال صاحب الجامع: كأن الفتح في المصدر والضم في الاسم، قال الخطابي فيه: أن المرض يقصر يد المالك عن بعض ملكه، وأن سخاوته بالمال في مرضه لا تمحو عنه سمة البخل، فلذلك شرط صحة البدن في الشح بالمال لأنه في الحالتين يجد للمال وقعا في قلبه لما يأمله من البقاء فيحذر معه الفقر. قال ابن بطال وغيره: لما كان الشح غالبا في الصحة فالسماح فيه بالصدقة أصدق في النية وأعظم للاجر، بخلاف من يئس من الحياة ورأي مصير المال لغيره قوله: وتأمل بضم الميم أي تطمع. قوله:
ولا تمهل بالاسكان على أنه نهي، وبالرفع على أنه نفي، ويجوز النصب. قوله: حتى إذا