التأبيد، وكأن سبب ذلك الاتفاق ما ثبت في الصحيح أن كل بني آدم يطعن الشيطان في بطنه حين يولد إلا من استثني فإن هذا الطعن نوع من الضرر، ثم اختلفوا فقيل المعنى لم يسلط عليه من أجل بركة التسمية بل يكون من جملة العباد الذين قيل فيهم: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وقيل: المراد لم يطعن في بطنه وهو بعيد لمنابذته لظاهر الحديث المتقدم، وليس تخصيصه بأولى من تخصيص هذا وقيل: المراد لم يصرعه. قيل لم يضره في بدنه وقال ابن دقيق العبد يحتمل أن لا يضره في دينه أيضا، ولكن يبعده انتفاء العصمة لاختصاصها بالأنبياء وتعقب بأن اختصاص من خص بالعصمة بطريق الوجوب لا بطريق الجواز، فلا مانع أن يوجد من لا يصدر منه معصية عمدا وإن لم يكن ذلك واجبا له. وقال الداودي: معنى لم يضره أي لم يفتنه عن دينه إلى الكفر، وليس المراد عصمته منه عن المعصية. وقيل: لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه، كما جاء عن مجاهد: إن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه.
باب ما جاء في العزل عن جابر قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن ينزل متفق عليه. ولمسلم: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبلغه ذلك فلم ينهنا. وعن جابر: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمتنا وسانيتنا في النخل وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل، فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وعن أبي سعيد قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من العرب، فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزبة وأحببنا العزلة فسألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: عليكم أن لا تفعلوا فإن الله عز وجل قد كتب ما هو خالق إلى يوم القيامة متفق عليه. وعن أبي سعيد قال: قالت اليهود: العزل المؤودة الصغرى، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كذبت يهود إن الله عز وجل لو أراد