ابن بطال بأن أرض الصلح لا تقسم فلا تملك. قال في الفتح: والذي يظهر لي أنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يخص الأنصار بما يحصل من البحرين، أما الناجز يوم عرض ذلك عليهم فهو الجزية لأنهم كانوا صالحوا عليها، وأما بعد لك إذا وقعت الفتوح فخراج الأرض أيضا، وقد وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم ذلك في عدة أراض بعد فتحها وقبل فتحها. منها إقطاعه تميما الداري بيت إبراهيم، فلما فتحت في عهد عمر نجز ذلك لتميم، واستمر في أيدي ذريته من ابنته رقية وبيدهم كتاب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك وقصته مشهورة ذكرها ابن سعد وأبو عبيد في كتاب الأموال وغيرهما. قوله: فلم يكن عنده ذلك يعني بسبب قلة الفتوح، وأغرب ابن بطال فقال معناه: أنه لم يرد فعل ذلك لأنه اقطع المهاجرين أرض بني النضير. قوله:
أثرة بفتح الهمزة والمثلثة على المشهور، وأشار صلى الله عليه وآله وسلم بذلك إلى ما وقع من استئثار الملوك من قريش على الأنصار بالأموال والتفضيل بالعطاء وغير ذلك فهو من أعلام نبوته، وفيه ما كانت فيه الأنصار من الايثار على أنفسهم كما وصفهم بذلك فقال: * (يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) * (سورة الحشر، الآية: 9) وأحاديث الباب فيها دليل، على أنه يجوز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده من الأئمة إقطاع الأراضي وتخصيص بعض دون بعض بذلك إذا كان فيه مصلحة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم في الاقطاع غير أحاديث هذا الباب والباب الذي قبله. منها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقطع صخر بن أبي العيلة البجلي الأحمسي ماء لبني سليم لما هربوا عن الاسلام وتركوا ذلك الماء ثم رده إليهم في قصة طويلة مذكورة في سنن أبي داود. ومنها ما أخرجه أبو داود عن سبرة بن معبد الجهني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزل في موضع المسجد تحت دومة فأقام ثلاثا ثم خرج إلى تبوك وإن جهينة لحقوه بالرحبة فقال لهم من أهل ذي المروة فقالوا بنو رفاعة من جهينة فقال قد أقطعتها لبني رفاعة، فاقتسموها فمنهم من باع ومنهم من أمسك فعمل ومنها عند أبي داود عن قيلة بنت مخرمة قالت: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقدم صاحبي يعني حريث بن حسان وافد بكر وائل فبايعه على الاسلام عليه وعلى قومه ثم قال: يا رسول الله أكتب بيننا وبين بني تميم بالدهناء أن لا يجاوزها إلينا منهم أحد إلا مسافر أو مجاور، فقال: أكتب له يا غلام بالدهناء، فلما رأيته قد أمر