الحديث فيه دليل على جواز العزل عن الإماء، وسيذكر المصنف حديث أبي سعيد هذا في باب ما جاء في العزل من كتاب الوليمة والبناء، ويأتي شرحه إن شاء الله تعالى هنالك، فإنه الموضع الأليق به، وفي مطلق العزل خلاف طويل، وكذلك في خصوص العزل عن الحرة أو الأمة أو أم الولد، وسيأتي هنالك مبسوطا بمعونة الله، ولعل مراد المصنف رحمه الله بإيراد الحديث الاستدلال بقوله: فنحب الأثمان على منع بيع أمهات الأولاد وهو محتمل.
وعن ابن عمر: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال: لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن، يستمتع بها السيد ما دام حيا، وإذا مات فهي حرة رواه الدارقطني، ورواه مالك في الموطأ والدارقطني من طريق آخر عن ابن عمر عن عمر من قوله. وهو أصح. وعن أبي الزبير عن جابر: أنه سمعه يقول: كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا والنبي صلى الله عليه وآله وسلم فينا حي لا نرى بذلك بأسا رواه أحمد وابن ماجة. وعن عطاء عن جابر قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا رواه أبو داود. قال بعض العلماء: إنما وجه هذا أن يكون ذلك مباحا ثم نهى عنه، ولم يظهر النهي لمن باعها، ولا علم أبو بكر بمن باع في زمانه لقصر مدته واشتغاله بأهم أمور الدين، ثم ظهر ذلك زمن عمر فأظهر النهي والمنع، وهذا مثل حديث جابر أيضا في المتعة قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر حتى نهانا عنه عمر في شأن عمرو بن حريث رواه مسلم، وإنما وجهه ما سبق لامتناع النسخ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن الخطاب بن صالح عن أمه قالت: حدثتني سلامة بنت معقل قالت: كنت للحباب بن عمرو ولي منه غلام فقالت لي امرأته: الآن تباعين في دينه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له فقال: من صاحب تركة الحباب بن عمرو؟ قالوا: أخوه أبو اليسر كعب بن عمرو، فدعاه فقال: لا تبيعوها وأعتقوها، فإذا سمعتم برقيق قد جاءني فأتوني أعوضكم، ففعلوا فاختلفوا فيما بينهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال قوم: أم الولد مملوكة لولا ذلك لم يعوضكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال بعضهم: هي حرة قد أعتقها