النسائي عنها أنها أتت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطعام في صحفة فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة الحديث. والرواية المذكورة في الباب عن عائشة تشعر بأنه قد وقع لها مثل ذلك مع صفية. وقد روى الدارقطني عن أنس من طريق عمران بن خالد نحو ذلك، قال عمران: أكثر ظني أنها حفصة يعني التي كسرت عائشة صحفتها، قال في الفتح: ولم يصب عمران في ظنه أنها حفصة بل هي أم سلمة ثم قال: نعم وقعت القصة لحفصة أيضا، وذلك فيما رواه ابن أبي شيبة وابن ماجة من طريق رجل من بني سوأة غير مسمى عن عائشة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه فصنعت له طعاما وصنعت له حفصة طعاما فسبقتني فقلت للجارية: انطلقي فاكفئ قصعتها، فأكفأتها فانكسرت وانتشر الطعام فجمعه على النطع فأكلوه ثم بعث بقصعتي إلى حفصة فقال:
خذوا ظرفا مكان ظرفكم وبقية رجاله ثقات. قال الحافظ: وتحرر من ذلك أن المراد بمن أبهم في حديث الباب هي زينب لمجئ الحديث من مخرجه وهو حميد عن أنس، وما عدا ذلك فقصص أخرى لا تليق بمن تحقق أن يقول في مثل هذا، قيل: المرسلة فلانة، وقيل: فلانة من غير تحرير. قوله: إناء بإناء فيه دليل على أن القيمي يضمن بمثله، ولا يضمن بالقيمة إلا عند عدم المثل، ويؤيده ما في رواية البخاري المتقدمة بلفظ: ودفع القصعة الصحيحة للرسول وبه احتج الشافعي والكوفيون، وقال مالك: إن القيمي يضمن بقيمته مطلقا، وفي رواية عنه كالمذهب الأول. وفي رواية عنه أخرى: ما صنعه الآدمي فالمثل وأما الحيوان فالقيمة وعنه أيضا ما كان مكيلا أو موزونا فالقيمة وإلا فالمثل قال في الفتح: وهو المشهور عندهم، وقد ذهب إلى ما قاله مالك من ضمان القيمي بقيمته مطلقا جماعة من أهل العلم منهم الهادوية، ولا خلاف في أن المثلي يضمن بمثله، وأجاب القائلون بالقول الثاني عن حديث الباب وما في معناه بما حكاه البيهقي من أن القصعتين كانتا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيتي زوجتيه. فعاقب الكاسرة بجعل القصعة المكسورة في بيتها وجعل الصحيحة في بيت صاحبتها ولم يكن هناك تضمين، وتعقب بما وقع في رواية لابن أبي حاتم بلفظ:
من كسر شيئا فهو له وعليه مثله وبهذا يرد على من زعم أنها واقعة عين لا عموم فيها، ومن جملة ما أجابوا به عن حديث الباب وما في معناه بأنه يحتمل أن يكون في ذلك الزمان كانت العقوبة فيه بالمال، فعاقب الكاسرة بإعطاء قصعتها للأخرى، وتعقب بأن التصريح بقوله: إناء بإناء يبعد ذلك. قوله: طعام بطعام قيل: إن الحكم بذلك من باب