قوله: جلست إلى شيبة هو ابن عثمان بن طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الله بن عبد الدار بن قصي العبدري الحجبي بفتح المهملة والجيم ثم موحدة نسبة الحجابة الكعبة. قوله: فيها أي في الكعبة، والمراد بالصفراء الذهب وبالبيضاء الفضة.
قال القرطبي: غلط من ظن أن المراد بذلك حلية الكعبة، وإنما أراد الكنز الذي بها وهو ما كان يهدي إليها فيدخر ما يزيد على الحاجة، وأما الحلي فمحبسة عليها كالقناديل فلا يجوز صرفها في غيرها. وقال ابن الجوزي: كانوا في الجاهلية يهدون إلى الكعبة المال تعظيما لها فيجتمع فيها. قوله: هما المرآن تثنية مرء بفتح الميم ويجوز ضمها والراء ساكنة على كل حال بعدها همزة أي الرجلان. قوله: يقتدى بهما في رواية للبخاري: أقتدي بهما قال ابن بطال: أراد عمر ذلك لكثرة إنفاقه في منافع المسلمين، ثم لما ذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يتعرض له أمسك، وإنما ترك ذلك لأن ما جعل في الكعبة وسبل لها يجري مجرى الأوقاف فلا يجوز تغييره عن وجهه، وفي ذلك تعظيم للاسلام وترهيب للعدو. قال في الفتح: أما التعليل الأول فليس بظاهر من الحديث، بل يحتمل أن يكون تركه صلى الله عليه وآله وسلم لذلك رعاية لقلوب قريش، كما ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، ثم أيد هذا الاحتمال بحديث عائشة المذكور في الباب ثم قال: فهذا هو التعليل المعتمد اه. والمصير إلى هذا الاحتمال لا بد منه لنصه صلى الله عليه وآله وسلم عليه، فلا يلتفت إلى الاحتمالات المخالفة له، وعلى هذا فإنفاقه جائز، كما جاز لابن الزبير بناء البيت على قواعد إبراهيم لزوال السبب الذي لأجله ترك بناءه صلى الله عليه وآله وسلم. واستدل التقي السبكي بحديث أبي وائل هذا على جواز تحلية الكعبة بالذهب والفضة وتعليق قناديلهما فيها وفي مسجد المدينة فقال: هذا الحديث عمدة في مال الكعبة وهو ما يهدي إليها أو ينذر لها. قال: وأما قول الشافعي لا يجوز تحلية الكعبة بالذهب والفضة ولا تعليق قناديلهما فيها، ثم حكي وجهين في ذلك أحدهما الجواز تعظيما كما في المصحف والآخر المنع إذ لم يقل أحد من السلف به فهذا مشكل، لأن للكعبة من التعظيم ما ليس لبقية المساجد بدليل تجويز سترهما بالحرير والديباج، وفي جوز ستر المساجد بذلك خلاف، ثم تمسك للجواز بما وقع في أيام الوليد بن عبد الملك من تذهيبه سقوف المسجد النبوي قال: ولم ينكر ذلك عمر بن عبد العزيز ولا أزاله في خلافته، ثم استدل للجواز بأن تحريم استعمال الذهب والفضة