. قال ابن عبد البر: وفي هذا الحديث تقييد مطلق القرآن بالسنة لأنه سبحانه قال: * (من بعد وصية يوصي بها أو دين) * (سورة النساء، الآية: 12) فأطلق وقيدت السنة الوصية بالثلث. قال في الفتنة: وفيه أن خطاب الشارع للواحد يعم من كان بصفته من المكلفين لاطباق العلماء على الاحتجاج بحديث سعد هذا وإن كان الخطاب إنما وقع له بصيغة الافراد، ولقد أبعد من قال إن ذلك يختص بسعد ومن كان في مثل حاله ممن يخلف وارثا ضعيفا أو كان ما يخلفه قليلا. وفي حديث أبي الدرداء وما ورد في معناه دليل على أن الاذن لنا بالتصرف في ثلث أموالنا في أواخر أعمارنا من الألطاف الإلهية بنا والتكثير لأعمالنا الصالحة، وهو من الأدلة الدالة على اشتراط القربة في الوصية وعن عمرو بن خارجة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب على ناقته وأنا تحت جرانها وهي تقصع بجرتها وإن لغامها يسيل بين كتفي فسمعته يقول: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث رواه الخمسة إلا أبا داود وصححه الترمذي. وعن أبي أمامة قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث رواه الخمسة إلا النسائي. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة رواهما الدارقطني.
حديث عمرو بن خارجة أخرجه أيضا الدارقطني والبيهقي. وحديث أبي أمامة حسنه الترمذي والحافظ وفي إسناده إسماعيل بن عياش وقد قوي حديثه إذا روى عن الشاميين جماعة من الأئمة منهم أحمد والبخاري، وهذا من روايته عن الشاميين، لأنه رواه عن شرحبيل بن مسلم وهو شامي ثقة، وصرح في روايته بالتحديث. وحديث ابن عباس حسنه في التلخيص، وقال في الفتح رجاله ثقات لكنه معلول، فقد قيل: إن عطاء الذي رواه عن ابن عباس هو الخراساني وهو لم يسمع من ابن عباس. وأخرج نحوه البخاري من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس موقوفا. قال الحافظ: إلا أنه في تفسير وأخبار بما كان من الحكم قبل نزول القرآن فيكون في حكم المرفوع. وأخرجه أيضا أبو داود في المراسيل عن مرسل عطاء