ثبت نقله فقد خرق هذا الاجماع أبو محمد بن حزم فقال: يجوز بكل شئ ولو كان حبة من شعير، ويؤيد ما ذهب إليه الكافة قوله صلى الله عليه وآله وسلم: التمس ولو خاتما من حديد كما سيأتي، لأنه أورده مورد التقليل بالنسبة لما فوقه، ولا شك أن الخاتم من الحديد له قيمة وهو أعلى خطرا من النواة وحبة من الشعير. وكذلك حكي في البحر الاجماع على أنه لا يصح تسمية ما لا قيمة له. قال الحافظ: وقد وردت أحاديث في أقل الصداق لا يثبت منها شئ، وذكر منها حديث عامر بن ربيعة وحديث جابر المذكورين في الباب، وحديث أبي لبيبة مرفوعا عند ابن أبي شيبة: من استحل بدرهم في النكاح فقد استحل. وحديث أبي سعيد عند الدارقطني في أثناء حديث في المهر: ولو على سواك من أراك قال: وأقوى شئ في ذلك حديث جابر عند مسلم: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ذكر كلام البيهقي الذي قدمناه. (وقد اختلف) في أقل المهر، فحكي في البحر عن العترة جميعا وأبي حنيفة وأصحابه أن أقله عشرة دراهم أو ما يوازيها، واستدلوا بما أخرجه الدارقطني من حديث جابر بلفظ: لا مهر أقل من عشرة دراهم وهذا لو صح لكان معارضا لما تقدم من الأحاديث الدالة على أنه يصح أن يكون المهر دونها، ولكنه لم يصح فإن في إسناده مبشر بن عبيد وحجاج بن أرطاة وهما ضعيفان، وقد اشتهر حجاج بالتدليس ومبشر متروك كما قال الدارقطني وغيره. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أحمد:
روى عنه بقية أحاديث كذب. وقد روى الحديث البيهقي من طرق منها عن علي عليه السلام وفي إسناده داود الأودي، وهذا الاسم يطلق على اثنين: أحدهما داود بن زيد وهو ضعيف بلا خلاف. والثاني داود بن عبد الله وقد وثقه أحمد، واختلفت الرواية فيه عن يحيى بن معين. ومنها عن جابر قال البيهقي بعد إخراجه: هو حديث ضعيف بمرة. وروي أيضا عن علي عليه السلام من طريق فيها أبو خالد الواسطي، فهذه طرق ضعيفة لا تقوم بها حجة، وعلى فرض أنها يقوي بعضها بعضا فهي لا تبلغ بذلك إلى حد الاعتبار، لا سيما وقد عارضها ما في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة مثل حديث الخاتم الذي سيأتي، وحديث نواة الذهب، وسائر الأحاديث التي قدمناها.
وحكي في البحر أيضا عن عمر وابن عباس والحسن البصري وابن المسيب وربيعة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق والشافعي أن أقله ما يصح ثمنا أو أجرة، وهذا