يشهد لصحتها حديث جابر عند مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع فضل الماء. وحديث إياس بن عبد عند أهل السنن بنحوه وصححه الترمذي. وقال أبو الفتح القشيري: هو على شرطهما، ولكن حديث عمرو بن شعيب في إسناده ليث بن أبي سليم، وقد رواه الطبراني في الصغير من حديث الأعمش عن عمرو بن شعيب، ورواه في الكبير من حديث وائلة بلفظ آخر وإسناده ضعيف، وحديث عائشة رواه ابن ماجة من طريق عبد الله بن إسماعيل وهو ابن أبي خالد الكوفي، قال أبو حاتم: مجهول، وكذا قال في التقريب.
قوله: فضل الماء المراد به ما زاد عن الحاجة، ويؤيد ذلك ما أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة بلفظ: ولا يمنع فضل ماء بعد أن يستغنى عنه قال في الفتح: وهو محمول عند الجمهور على ماء البئر المحفورة في الأرض المملوكة. وكذلك في الموات إذا كان لقصد التملك، والصحيح عند الشافعية ونص عليه في القديم وحرملة أن الحافر يملك ماءها، وأما البئر المحفورة في الموات لقصد الارتفاق لا التملك، فإن الحافر لا يملك ماءها، بل يكون أحق به إلى أن يرتحل. وفي الصورتين يجب عليه بذل ما يفضل عن حاجته، والمراد حاجة نفسه وعياله وزرعه وماشيته، هذا هو الصحيح عند الشافعية، وخص المالكية هذا الحكم بالموات، وقالوا في البئر التي لا تملك: لا يجب عليه بذل فضلها، وأما الماء المحرز في الاناء فلا يجب بذل فضله لغير المضطر على الصحيح اه. قال في البحر: والماء على أضرب. حق إجماعا كالأنهار غير المستخرجة والسيول. وملك إجماعا كماء يحرز في الجرار ونحوها. ومختلف فيه كماء الآبار والعيون والقنا المحتفرة في الملك اه. والقنا هي بفتح القاف الكظامة التي تحت الأرض، وسيأتي ذكر الخلاف في ذلك. قال ابن بطال: لا خلاف بين العلماء أن صاحب الحق أحق بمائة حتى يروى. قال الحافظ: وما نفاه من الخلاف هو على القول بأن الماء يملك، فكأن الذين يذهبون إلى أنه يملك وهم الجمهور هم الذين لا خلاف عندهم في ذلك، وقد استدل بتوجه النهي إلى الفضل على جواز بيع الماء الذي لا فضل فيه، وقد تقدم الكلام على ذلك في البيع. قوله: ليمنع به الكلأ بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة وهو النبات رطبه ويابسه، والمعنى: أن يكون حول البئر كلا ليس عنده ماء غيره، ولا يمكن أصحاب المواشي رعيه إلا إذا مكنوا من سقي بهائمهم من تلك البئر لئلا يتضرروا بالعطش بعد الرعي، فيستلزم منعهم من