لأنهم أهل كتاب كذا في النهاية. وجمع الطبري بين الأحاديث فقال: الامتناع فيما أهدى له خاصة، والقبول فيما أهدى للمسلمين وفيه نظر، لأن من جمله أدلة الجواز السابقة ما وقعت الهدية فيه له صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، وجمع غيره بأن الامتناع في حق من يريد بهديته التودد والموالاة، والقبول في حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الاسلام، قال الحافظ: وهذا أقوى من الذي قبله، وقيل: يمتنع ذلك لغيره من الامراء ويجوز له خاصة. وقال بعضهم: أن أحاديث الجواز منسوخة بحديث الباب عكس ما تقدم عن الخطابي، ولا يخفى أن النسخ لا يثبت بمجرد الاحتمال، وكذا الاختصاص وقد أورد البخاري في صحيحه حديثا استنبط منه جواز قبول هدية الوثني، ذكره في باب قبول الهدية من المشركين من كتاب الهبة والهدية. قال الحافظ في الفتح: وفيه فساد قول من حمل رد الهدية على الوثني دون الكتابي، وذلك لأن الواهب المذكور في ذلك الحديث وثني.
باب الثواب على الهدية والهبة عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي. وعن ابن عباس: أن أعرابيا وهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم هبة فأثابه عليها، قال: أرضيت؟ قال: لا، فزاده، قال: أرضيت؟ قال: لا، فزاده، قال: أرضيت؟ قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
لقد هممت ألا أتهب هبة إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي رواه أحمد.
حديث ابن عباس أخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه. وقال في مجمع الزوائد:
رجال أحمد رجال الصحيح. وأخرجه أبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة بنحوه، وطوله الترمذي ورواه من وجه آخر وبين أن الثواب كان ست بكرات، وكذا رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم. قوله: ويثيب عليها أي يعطي المهدي بدلها، والمراد بالثواب المجازاة وأقله ما يساوي قيمة الهدية، ولفظ ابن أبي شبية: ويثيب ما هو خير منها، وقد أعل حديث عائشة المذكور بالارسال، قال البخاري: لم يذكر وكيع ومحاضر عن هشام عن أبيه عن عائشة، وفيه إشارة إلى أن عيسى بن يونس تفرد بوصله عن هشام، وقال