نيل الأوطار - الشوكاني - ج ٦ - الصفحة ٢٤
محرمة والحجامة كذلك فيزول الاشكال. وجمع ابن العربي بين الأحاديث بأن محل الجواز إذا كانت الأجرة على عمل معلوم، ومحل الزجر على ما إذا كانت على عمل مجهول. وحكى صاحب الفتح عن أحمد وجماعة الفرق بين الحر والعبد، فكرهوا للحر الاحتراف بالحجامة وقالوا: يحرم عليه الانفاق على نفسه منها، ويجوز له الانفاق على الرقيق والدواب منها، وأباحوها للعبد مطلقا، وعمدتهم حديث محيصة لأنه أذن له صلى الله عليه وآله وسلم أن يعلف منه ناضحة. والناضح اسم للبعير والبقرة التي ينضح عليها من البئر أو النهر، ورواية الموطأ: وأطعمه نضاحك، بضم النون وتشديد الضاد جمع ناضح. قال ابن حبيب: النضاح الذين يسقون النخيل، واحده ناضح من الغلمان ومن الإبل، وإنما يفترقون في الجمع، فجمع الإبل نواضح والغلمان نضاح.
وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجم حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فخففوا عنه متفق عليه. وفي لفظ: دعا غلاما منا حجمه فأعطاه أجره صاعا أو صاعين وكلم مواليه أن يخففوا عنه من ضريبته رواه أحمد والبخاري. وعن ابن عباس قال: احتجم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأعطى الحجام أجره ولو كان سحتا لم يعطه رواه أحمد والبخاري ومسلم.
ولفظه: حجم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبد لبني بياضة فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجره وكلم سيده فخفف عنه من ضريبته، ولو كان سحتا لم يعطه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله: أبو طيبة بفتح الطاء المهملة وسكون التحتية بعدها موحدة واسمه نافع. قوله: وأعطاه صاعين من طعام في الرواية الأخرى: صاعا أو صاعين.
وفي رواية أبي داود: فأمر له بصاع من تمر وفي رواية لمسلم: فأمر له بصاع أو مد أو مدين على الشك. قوله: وكلم مواليه في رواية أبي داود: فأمر أهله والمراد بمواليه ساداته، وجمع لكونه كان مملوكا لجماعة، كما يدل على ذلك رواية مسلم: حجم النبي عبد لبني بياضة. قوله: فخففوا عنه في الكلام حذف، والتقدير كلم مواليه أن يخففوا فخففوا عنه كما في الرواية الأخرى. ولفظ أبي داود:
فأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه وفيه جواز الشفاعة للعبد إلى مواليه في تخفيف الخراج عنه. قوله: ولو كان سحتا قد تقدم ضبطه وتفسير معناه في
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست