صرح به أئمة المعاني من أن التأكيد لا بد له من فائدة، وهي إما دفع توهم التجوز أو السهو أو عدم الشمول. وقيل: إن الرجل قد يطلق على مجرد النجدة والقوة في الامر فيحتاج إلى ذكر ذكر. وقيل: قد يراد برجل بمعنى الشخص فيعم الذكر والأنثى وقال ابن العربي:
فائدته هي أن الإحاطة بالميراث جميعه إنما تكون للذكر لا للأنثى، وأما البنت المفردة فأخذها للمال جميعه بسببين. الفرد والرد. وقيل: احترز به عن الخنثى. وقيل: إنه قد يطلق الرجل على الأنثى تغليبا كما في حديث: من وجد متاعه عند رجل وحديث: أيما رجل ترك مالا وقال السهيلي: إن ذكر صفة لقوله أولى لقوله رجل، وأطال الكلام في تقوية ذلك وتضعيف ما عداه، وتبعه الكرماني، وقيل: غير ذلك. (والحديث) يدل على أن الباقي بعد استيفاء أهل الفروض المقدرة لفروضهم يكون لأقرب العصبات من الرجال، ولا يشاركه من هو أبعد منه، وقد حكى النووي الاجماع على ذلك، وقد استدل به ابن عباس ومن وافقه على أن الميت إذا ترك بنتا وأختا وأخا يكون للبنت النصف والباقي للأخ ولا شئ للأخت.
وعن جابر قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بابنتيها من سعد فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا، ولا ينكحان إلا بمال، فقال: يقضي الله في ذلك، فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عمهما فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك رواه الخمسة إلا النسائي.
الحديث حسنه الترمذي، وأخرجه أيضا الحاكم وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي، ولا يعرف إلا من حديثه كما قال الترمذي وقد اختلف الأئمة فيه. قال الترمذي: هو صدوق سمعت محمدا يقول: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديثه. وروى هذا الحديث أبو داود بلفظ: فقالت: يا رسول الله هاتان بنتا ثابت بن قيس قتل معك يوم أحد قال أبو داود: أخطأ فيه بشر، وهما بنتا سعد بن الربيع، وثابت بن قيس قتل يوم اليمامة. قوله: ولا ينكحان إلا بمال يعني أن الأزواج لا يرغبون في نكاحهن إلا إذا كان معهن مال وكان ذلك معروفا في العرب.
قوله: فنزلت آية الميراث أي قوله تعالى: * (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين) * (سورة النساء، الآية: 11) الآية. (الحديث) فيه دليل على أن للبنتين