أيضا على ربعان كصبي وصبيان. قوله: يستثنيه من الاستثناء، كأنه يشير إلى استثناء الثلث والربع، كذا قال في الفتح، واستدل على أن هذا هو المراد برواية أخرى ذكرها البخاري، ولكنه ينافي هذا التفسير قوله في الرواية الأولى: فأما شئ معلوم مضمون فلا بأس به وهذا الحديث يدل على تحريم المزارعة على ما يفضي إلى الغرر والجهالة ويوجب المشاجرة، وعليه تحمل الأحاديث الواردة في النهي عن المخابرة كما هو شأن حمل المطلق على المقيد، ولا يصح حملها على المخابرة التي فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خيبر لما ثبت من أنه صلى الله عليه وآله وسلم استمر عليها إلى موته، واستمر على مثل ذلك جماعة من الصحابة، ويؤيد هذا تصريح رافع في هذا الحديث بجواز المزارعة على شئ معلوم مضمون، ولا يشكل على جواز المزارعة بجزء معلوم حديث أسيد بن ظهير الآتي، فإن النهي فيه ليس بمتوجه إلى المزارعة بالنصف والثلث والربع فقط، بل إلى ذلك مع اشتراط ثلاث جداول والقصارة وما يسقي الربيع، ولا شك أن مجموع ذلك غير المخابرة التي أجازها صلى الله عليه وآله وسلم وفعلها في خيبر، نعم حديث رافع عند أبي داود والنسائي وابن ماجة بلفظ: من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها ولا يكارها بثلث ولا ربع ولا بطعام مسمى. وكذلك حديثه أيضا عند أبي داود بإسناد فيه بكر بن عامر البجلي الكوفي وهو متكلم فيه:
قال: إنه زرع أرضا فمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يسقيها، فسأله: لمن الزرع ولمن الأرض؟ فقال: زرعي ببذري وعملي، ولي الشطر ولبني فلان الشطر، فقال: أربيتما فرد الأرض على أهلها وخذ نفقتك. ومثله حديث زيد بن ثابت عند أبي داود قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المخابرة، قلت: وما المخابرة؟ قال: أن يأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع. فيها دليل على المنع من المخابرة بجزء معلوم، ومثل هذه الأحاديث حديث أسيد الآتي على فرض أنه نهى عن المزارعة بجزء معلوم، وعدم تقييده بما فيه من كلام أسيد كما سيأتي، ولكنه لا سبيل إلى جعلها ناسخة لما فعله صلى الله عليه وآله وسلم في خيبر لموته وهو مستمر على ذلك وتقريره لجماعة من الصحابة عليه، ولا سبيل إلى جعل هذه الأحاديث المشتملة على النهي منسوخة بفعله صلى الله عليه وآله وسلم وتقريره لصدور النهي عنه في أثناء مدة معاملته، ورجوع جماعة من الصحابة إلى رواية من روى النهي، والجمع ما أمكن هو الواجب، وقد