قلت: يا رسول الله شئ ألقي في روعي وذلك ظاهر في أنه لم يكن عنده علم متقدم بمشروعية الرقي بالفاتحة. قوله: ثم قال قد أصبتم يحتمل أن يكون صوب فعلهم في الرقية، ويحتمل أن يكون ذلك في توقفهم عن التصرف في الجعل حتى استأذنوه، ويحتمل ما هو أعم من ذلك. قوله: واضربوا لي معكم سهما أي اجعلوا منه نصيبا، وكأنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد المبالغة في تأنيسهم كما وقع في قصة الحمار الوحشي وغير ذلك. (وفي الحديث) دليل على جواز الرقية بكتاب الله تعالى، ويلتحق به ما كان في بالذكر والدعاء المأثور، وكذا غير المأثور مما لا يخالف ما في المأثور. وأما الرقي بغير ذلك فليس في الأحاديث ما يثبته ولا ما ينفيه إلا ما سيأتي في حديث خارجة. وفي حديث أبي سعيد مشروعية الضيافة على أهل البوادي والنزول على مياه العرب وطلب ما عندهم على سبيل القرى أو الشراء، وفيه مقابلة من امتنع من المكرمة بنظير صنعه، وفيه الاشتراك في العطية، وجواز طلب الهدية ممن يعلم رغبته في ذلك وإجابته إليه.
وعن خارجة بن الصلت عن عمه أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أقبل راجعا من عنده، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد فقال أهله: إنا قد حدثنا أن صاحبكم قد جاء بخير فهل عندك شئ تداويه؟ قال: فرقيته بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام كل يوم مرتين فبرأ فأعطوني مائتي شاة، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته فقال: خذها فلعمري من أكل برقية باطل فقد أكلت برقية حق رواه أحمد وأبو داود. وقد صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زوج امرأة رجلا على أن يعلمها سورا من القرآن ومن ذهب إلى الرخصة لهذه الأحاديث حمل حديث أبي وعبادة على أن التعليم كان قد تعين عليهما، وحمل فيما سواهما من الأمر والنهي على الندب والكراهة.
حديث خارجة أخرجه أيضا النسائي، وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح إلا خارجة المذكور وقد وثقه ابن حبان. وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححاه. وحديث تزويج المرأة قد ذكرناه في أول الباب.
قوله: عن عمه هو علاقة بن صحار بضم الصاد وتخفيف الحاء المهملة التميمي الصحابي، وقال خليفة: هو عبد الله بن عثير بكسر العين المهملة وسكون المثلثة بعدها