في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: من أحسن في الاسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الاسلام أوخذ بالأول والآخر. وحديث حكيم المذكور يدل على أنه يصح العتق من الكافر في حال كفره، ويثاب عليه إذا أسلم بعد ذلك، وكذلك الصدقة وصلة الرحم.
باب من أعتق عبدا وشرط عليه خدمة عن سفينة أبي عبد الرحمن قال: أعتقتني أم سلمة وشرطت علي أن أخدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما عاش رواه أحمد وابن ماجة. وفي لفظ: كنت مملوكا لام سلمة فقالت: أعتقك وأشترط عليك أن تخدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما عشت، فقلت: لو لم تشترطي علي ما فارقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما عشت، فأعتقتني واشترطت علي رواه أبو داود.
الحديث أخرجه أيضا النسائي وقال: لا بأس بإسناده، وأخرجه أيضا الحاكم وفي إسناده سعيد بن جمهان أبو حفص الأسلمي، وثقه يحيى بن معين وأبو داود السجستاني. وقال أبو حاتم الرازي: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به. وقد استدل بهذا الحديث على صحة العتق المعلق على شرط. قال ابن رشد: ولم يختلفوا أن العبد إذا أعتقه سيده على إن يخدمه سنين أنه لا يتم عتقه إلا بخدمته. قال ابن رسلان:
وقد اختلفوا في هذا فكان ابن سيرين يثبت الشرط في مثل هذا، وسئل عنه أحمد فقال: يشتري هذه الخدمة من صاحبه الذي اشترط له، قيل له: يشتري بالدراهم؟
قال: نعم اه. وقال الخطابي: هذا وعد عبر عنه باسم الشرط ولا يلزم الوفاء به، وأكثر الفقهاء لا يصححون إيقاع الشرط بعد العتق، لأنه شرط لا يلاقي ملكا، ومنافع الحر لا يملكها غيره إلا في إجارة أو ما في معناها. قال في البحر مسألة: ومن قال أخدم أولادي في ضيعتهم عشر سنين فإذا مضت فأنت حر، عتق باستكمال ذلك إجماعا لحصول الشرط والوقت. قال قلت: ولو خدمهم في غير تلك الضيعة، إذ القصد الخدمة لامكانها، وكذلك لو فرق السنين عليهم لم يضر، قال الامام يحيى: وللسيد فيه قبل الوفاء كل تصرف إجماعا. قال في البحر: في دعوى الاجماع نظر، قال الامام يحيى: وتلزمه الخدمة إجماعا إذ قد وهبها السيد لهم، قال الهادي: ويعتق بمضي المدة. وإن لم يخدم