قيل نكح فلانة أو بنت فلان فالمراد به العقد، وإذا قيل نكح زوجته فالمراد به الوطئ، ويدل على القول الأول ما قيل إنه لم يرد في القرآن إلا للعقد كما صرح بذلك الزمخشري في كشافه في أوائل سورة النور ولكنه منتقض لقوله تعالى: * (حتى تنكح زوجا غيره) * (سورة البقرة، الآية: 230) وقال أبو الحسين بن فارس: إن النكاح لم يرد في القرآن إلا للتزويج إلا قوله تعالى: * (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح) * (سورة النساء، الآية: 6) فإن المراد به الحلم.
قوله: يا معشر الشباب المعشر جماعة يشملهم وصف ما، والشباب جمع شاب، قال الأزهري: لم يجمع فاعل على فعال غيره وأصله الحركة والنشاط وهو اسم لمن بلغ إلى أن يكمل ثلاثين، هكذا أطلق الشافعية، حكى ذلك عنهم صاحب الفتح وقال القرطبي في المفهم: يقال له حدث إلى ست عشرة سنة ثم شاب إلى اثنين وثلاثين ثم كهل. قال الزمخشري: إن الشباب من لدن البلوغ إلى اثنين وثلاثين. وقال ابن شاس المالكي في الجواهر: إلى أربعين. وقال النووي: الأصح المختار أن الشباب من بلغ ولم يجاوز الثلاثين ثم هو كهل إلى أن يجاوز الأربعين، ثم هو شيخ. وقال الروياني وطائفة: من جاوز الثلاثين سمي شيخا، زاد ابن قتيبة إلى أن يبلغ الخمسين.
وقال أبو إسحاق الأسفراييني عن الأصحاب. المرجع في ذلك اللغة، وأما بياض الشعر فيختلف باختلاف الأمزجة، هكذا في الفتح. قوله: الباءة بالهمز وتاء التأنيث ممدودا، وفيها لغة أخرى بغير همز ولا مد، وقد تهمز وتمد بلا هاء. قال الخطابي: المراد بالباءة النكاح وأصله الموضع يتبوأه ويأوي إليه. وقال النووي: اختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلى معنى واحد، أصحهما أن المراد معناها اللغوي وهو الجماع، فتقديره: من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنة وهي مؤنة النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء. والقول الثاني: أن المراد بالباءة مؤنة النكاح سميت باسم ما يلازمها وتقديره: من استطاع منكم مؤون النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع فليصم، قالوا: والعاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم لدفع الشهوة، فوجب تأويل الباءة على المؤن. وقال القاضي عياض لا يبعد أن تختلف الاستطاعتان، فيكون المراد بقوله: من استطاع الباءة، أي بلغ الجماع وقدر عليه فليتزوج، ويكون قوله: ومن لم يستطع أي لم يقدر على التزويج، وقيل: الباءة بالمدة القدرة على مؤن النكاح، وبالقصر