أن يعلمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد ذهب الأكثر من أهل الأصول على ما حكاه في الفتح إلى أن الصحابي إذا أضاف الحكم إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان له حكم الرفع، قال: لا ن الظاهر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اطلع على ذلك وأقره لتوفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الاحكام. قال وقد وردت عدة طرق تصرح باطلاعه على ذلك. وأخرج مسلم من حديث جابر قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم ينهنا. ووقع في حديث الباب المذكور الاذن له بالعزل فقال: اعزل عنها إن شئت. قوله: ما عليكم أن لا تفعلوا وقع في رواية في البخاري وغيره: لا عليكم أن لا تفعلوا قال ابن سيرين: هذا أقرب إلى النهي وحكى ابن عون عن الحسن أنه قال: والله لكان هذا زجرا. قال القرطبي: كأن هؤلاء فهموا من لا النهي عما سألوا عنه فكأنه قال: لا تعزلوا وعليكم أن لا تفعلوا. ويكون قوله:
وعليكم إلى آخره تأكيدا للنهي، وتعقب بأن الأصل عدم هذا التقرير. وإنما معناه ليس عليكم أن تتركوا وهو الذي يساوي أن لا تفعلوا. وقال غيره: معنى لا عليكم أن لا تفعلوا أي لا حرج عليكم أن لا تفعلوا، ففيه نفي الحرج عن عدم الفعل، فأفهم ثبوت الحرج في فعل العزل، ولو كان المراد نفي الحرج عن الفعل لقال: لا عليكم أن تفعلوا إلا أن يدعي أن لا زائدة فيقال الأصل عدم ذلك (وقد اختلف) السلف في حكم العزل فحكي في الفتح عن ابن عبد البر أنه قال: لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف إلا ما لا يلحقه عزل. قال الحافظ: ووافقه في نقل هذا الاجماع ابن هبيرة قال: وتعقب بأن المعروف عند الشافعية أنه لا حق للمرأة في الجماع، وهو أيضا مذهب الهادوية، فيجوز عندهم العزل عن الحرة بغير إذنها على مقتضى قولهم: إنه لا حق لها في الوطئ، ولكنه وقع التصريح في كتب الهادوية بأنه لا يجوز العزل عن الحرة إلا برضاها، ويدل على اعتبار الاذن من الحرة حديث عمر المذكور ولكن فيه ما سلف، وأما الأمة فإن كانت زوجة فحكمها حكم الحرة، واختلفوا هل يعتبر الاذن منها أو من سيدها وإن كانت سرية فقال في الفتح: يجوز بلا خلاف عندهم إلا في وجه حكاه الروياني في المنع مطلقا كمذهب ابن حزم، وإن كانت السرية مستولدة فالراجح الجواز