ذلك الحي فسعوا له بكل شئ لا ينفعه شئ، فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم بعض شئ فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شئ لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شئ؟ قال بعضهم: إني والله لأرقي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من غنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنذكر له الذي كان فننظر الذي يأمرنا، فقدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكروا له ذلك فقال:
وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: اقتسموا واضربوا لي معكم سهما، وضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم رواه الجماعة إلا النسائي، وهذا لفظ البخاري وهو أتم. قوله: فيهم لديغ اللديغ بالدال المهملة والغين المعجمة هو اللسيع وزنا ومعنى، واللدغ اللسع، وأما اللذع بالذال المعجمة والعين المهملة فهو الاحراق الخفيف، واللدغ المذكور في الحديث هو ضرب ذات الحمة من حية أو عقرب أو غيرهما وأكثر ما يستعمل في العقرب، وقد صرح الأعمش في روايته بالعقرب. قوله: أو سليم هو اللديغ أيضا. قوله: إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله استدل به الجمهور على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وأجيب عن ذلك بأن المراد بالاجر هنا الثواب، ويرد بأن سياق القصة يأبى ذلك، وادعى بعضهم نسخة بالأحاديث السابقة، وتعقب بأن النسخ لا يثبت بمجرد الاحتمال، وبأن الأحاديث القاضية بالمنع وقائع أعيان محتملة للتأويل لتوافق الأحاديث الصحيحة كحديثي الباب، وبأنها مما لا تقوم به الحجة فلا تقوى على معارضة ما في الصحيح، وقد عرفت مما سلف أنها تنتهض للاحتجاج بها على المطلوب، والجمع ممكن إما بحمل الاجر المذكور ههنا على الثواب كما سلف وفيه ما تقدم، أو المراد أخذ الأجرة على الرقية فقط كما يشعر به السياق، فيكون مخصصا للأحاديث القاضية بالمنع، أو يحمل الاجر هنا على عمومه، فيشمل الاجر على الرقية والتلاوة والتعليم، ويخص أخذها على التعليم بالأحاديث المتقدمة ويجوز ما عداه، وهذا أظهر وجوه الجمع فينبغي المصير إليه. قوله: فاستضافوهم أي