على منزلتين من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن المؤمنين، كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، وكان إذا هاجرت المرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حل لها النكاح، وإن جاء زوجها قبل أن تنكح ردت إليه. وروى البيهقي عن الشافعي عن جماعة من أهل العلم من قريش وأهل المغازي وغيرهم عن عدد مثلهم: أن أبا سفيان أسلم بمر الظهران وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة ومكة يومئذ دار حرب، وكذلك حكيم بن حزام، ثم أسلم المرأتان بعد ذلك، وأقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم النكاح.
قوله: بعد سنتين وفي الرواية الثانية بست سنين ووقع في رواية بعد ثلاث سنين وأشار في الفتح إلى الجمع فقال: المراد بالست ما بين هجرة زينب وإسلامه، وبالسنتين أو الثلاث ما بين نزول قوله تعالى: * (لا هن حل لهم) * وقدومه مسلما فإن بينهما سنتين وأشهرا. قال الترمذي في حديث ابن عباس أنه لا يعرف وجهه قال الحافظ وأشار بذلك إلى أن ردها إليه بعد ست سنين أو بعد سنتين أو ثلا ث مشكل لاستبعاد أن تبقى في العدة هذه المدة قال ولم يذهب أحد إلى جواز تقرير المسلمة تحت المشرك إذا تأخر إسلامه عن إسلامها حتى انقضت عدتها وممن نقل الاجماع في ذلك ابن عبد البر وأشار إلى أن بعض أهل الظاهر قال بجوازه ورده بالاجماع المذكور وتعقب بثبوت الخلاف فيه قديما فقد أخرجه ابن أبي شيبة عن علي وإبراهيم النخعي بطرق قوية وأفتى به حماد شيخ أبي حنيفة. وأجاب الخطابي عن الاشكال بأن بقاء العدة تلك المدة ممكن وإن لم تجر به عادة في الغالب ولا سيما إن كان المدة إنما هي سنتان وأشهر فإن الحيض قد يبطئ عن ذات الأقراء لعارض وبمثل هذا أجاب البيهقي قال الحافظ وهو أولى ما يعتمد في ذلك. وقال السهيلي في شرح السيرة إن حديث عمرو بن شعيب هو الذي عليه العمل وإن كان حديث ابن عباس أصح إسنادا لكن لم يقل به أحد من الفقهاء لأن الاسلام قد كان فرق بينهما قال الله تعالى: * (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) * (سورة الممتحنة، الآية: 10) ومن جمع بين الحديثين. قال: معنى حديث ابن عباس ردها على النكاح الأول في الصداق والحباء، ولم يحدث زيادة على ذلك من شرط ولا غيره انتهى. وقد أشار إلى مثل هذا الجمع ابن عبد البر، وقيل: إن زينب لما أسلمت وبقي زوجها على الكفر