ثبوت الشفعة للجار مع اتحاد الطريق بعض الشافعية، ويؤيده أن شرعية الشفعة إنما هي لدفع الضرر، وهو إنما يحصل في الأغلب مع المخالطة في الشئ المملوك أو في طريقه، ولا ضرر على جار لم يشارك في أصل ولا طريق إلا نادرا، واعتبار هذا النادر يستلزم ثبوت الشفعة للجار مع عدم الملاصقة، لأن حصول الضرر له قد يقع في نادر الحالات، كحجب الشمس والاطلاع على العورات ونحوهما من الروائح الكريهة التي يتأذى بها، ورفع الأصوات، وسماع بعض المنكرات، ولا قائل بثبوت الشفعة لمن كان كذلك، والضرر النادر غير معتبر، لأن الشارع علق الاحكام بالأمور الغالبة، فعلى فرض أن الجار لغة لا يطلق إلا على من كان ملاصقا غير مشارك ينبغي تقييد الجوار باتحاد الطريق، ومقتضاه أن لا تثبت الشفعة بمجرد الجوار وهو الحق، وقد زعم صاحب المنار أن الأحاديث تقتضي ثبوت الشفعة للجار والشريك ولا منافاة بينها. ووجه حديث جابر بتوجيه بارد والصواب ما حررناه. قوله: في كل شركة في مسلم وسنن أبي داود: في كل شرك وهو بكسر الشين المعجمة وإسكان الراء من أشركته في البيع إذا جعلته لك شريكا، ثم خفف المصدر بكسر الأول وسكون الثاني فيقال: شرك وشركة، كما يقال: كلم وكلمة. قوله: ربعة بفتح الراء وسكون الموحدة تأنيث ربع وهو المنزل الذي يرتبعون فيه في الربيع، ثم سمي به الدار والمسكن. قوله: لا يحل له أن يبيع الخ، ظاهره أنه يجب على الشريك إذا أراد البيع أن يؤذن شريكه، وقد حكى مثل ذلك القرطبي عن بعض مشايخه، وقال في شرح الارشاد: الحديث يقتضي أنه يحرم البيع قبل العرض على الشريك. قال ابن الرفعة:
ولم أظفر به عن أحد من أصحابنا ولا محيد عنه، وقد قال الشافعي: إذا صح الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط. وقال الزركشي: إنه صرح به الفارقي. قال الأذرعي:
إنه الذي يقتضيه نص الشافعي، وحمله الجمهور من الشافعية وغيرهم على الندب وكراهة ترك الاعلام، قالوا: لأنه يصدق على المكروه أنه ليس بحلال، وهذا إنما يتم إذا كان اسم الحلال مختصا بما كان مباحا أو مندوبا أو واجبا وهو ممنوع، فإن المكروه من أقسام الحلال كما تقرر في الأصول. قوله: فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به فيه دليل على ثبوت الشفعة للشريك الذي لم يؤذنه شريكه بالبيع، وأما إذا أعلمه الشريك بالبيع فأذن فيه فباع ثم أراد الشريك أن يأخذه بالشفعة فقال مالك والشافعي