قال: لا ولكن عليك بالصيام الحديث. وفي لفظ آخر: أنه قال: يا رسول الله أتأذن لي في الاختصاء؟ قال إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنفية السمحة. وأخرج ذلك من طريق عثمان بن مظعون الطبري. قوله: أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الخ، أصل الحديث: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال بعضهم الحديث. قوله: لكني أصوم وأفطر الخ، فيه دليل على أن المشروع هو الاقتصاد في الطاعات، لأن إتعاب النفس فيها والتشديد عليها يفضي إلى ترك الجميع والدين يسر، ولن يشاد أحد الدين إلا غلبه، والشريعة المطهرة مبنية على التيسير وعدم التنفير. قوله: فمن رغب عن سنتي فليس مني المراد بالسنة الطريقة. والرغبة الاعراض. وأراد صلى الله عليه وآله وسلم أن التارك لهديه القويم المائل إلى الرهبانية خارج عن الاتباع إلى الابتداع، وقد أسلفنا الكلام على مثل هذه العبارة في مواطن من هذا الشرح. قوله: فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء وقيل: مراد ابن عباس بخير هذه الأمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يدل على ذلك ما وقع عند الطبراني بلفظ: فإن خيرنا كان أكثرنا نساء وعلى هذا فيكون التقييد بهذه الأمة لاخراج مثل سليمان فإنه كان أكثر نساء. وقيل: أراد ابن عباس أن خير أمة محمد من كان أكثرها نساء من غيره ممن يساويه فيما عدا ذلك من الفضائل. قال الحافظ: والذي يظهر أن مراد ابن عباس بالخير النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبالأمة أخصاء أصحابه، وكأنه أشار إلى أن ترك التزويج مرجوح، إذ لو كان راجحا ما آثر النبي صلى الله عليه وآله وسلم غيره. قوله: نهى عن التبتل قد استدل بهذا النهي. وبقوله في الحديث الأول: فليتزوج وبقوله: فمن رغب عن سنتي وبسائر ما في أحاديث الباب من الأوامر ونحوها من قال بوجوب النكاح.
قال في الفتح: وقد قسم العلماء الرجل في التزويج إلى أقسام. التائق إليه القادر على مؤنة الخائف على نفسه، فهذا يندب له النكاح عند الجميع، وزاد الحنابلة في رواية أنه يجب، وبذلك قال أبو عوانة الأسفراييني من الشافعية وصرح به في صحيحه، ونقله المصعبي في شرح مختصر الجويني وجها، وهو قول داود وأتباعه. انتهى. وبه