نيل الأوطار - الشوكاني - ج ٦ - الصفحة ١٢٨
وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال: من يشتري بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي رواه النسائي والترمذي. وقال حديث حسن وفيه جواز انتفاع الواقف بوقفه العام.
حديث عثمان أخرجه البخاري أيضا تعليقا. قوله: إلا من ثلاثة أشياء فيه دليل على أن ثواب هذه الثلاثة لا ينقطع بالموت، قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه كاسبها، فإن الولد من كسبه، وكذا ما يخلفه من العلم كالتصنيف والتعليم، وكذا الصدقة الجارية وهي الوقف، وفيه الارشاد إلى فضيلة الصدقة الجارية، والعلم الذي يبقى بعد موت صاحبه، والزوج الذي هو سبب حدوث الأولاد، وهذا الحديث قد قدمنا الكلام عليه وعلى ما ورد مورده في باب وصول ثواب القراءة المهداة إلى الموتى من كتاب الجنائز.
قوله: أرضا بخيبر هي المسماة بثمغ كما في رواية للبخاري وأحمد، وثمغ بفتح المثلثة والميم، وقيل: بسكون الميم وبعدها غين معجمة. قوله: أنفس منه النفيس الجيد، قال الداودي: سمي نفيسا لأنه يأخذ بالنفس. قوله: وتصدقت بها أي بمنفعتها، وفي رواية للبخاري:
حبس أصلها وسبل ثمرتها. وفي أخرى له: تصدق بثمره وحبس أصله. قوله: ولا يورث زاد الدارقطني: حبيس ما دامت السماوات والأرض. في رواية للبيهقي: تصدق بثمره وحبس أصله لا يباع ولا يورث. قال الحافظ: وهذا ظاهر أن الشرط من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخلاف بقية الروايات فإن الشرط فيها ظاهر أنه من كلام عمر. وفي البخاري بلفظ: فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن ينفق ثمره. وفي البخاري أيضا في المزارعة قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر: تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولكن ينفق ثمره فتصدق به. فهذا صريح أن الشرط من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا منافاة، لأنه يمكن الجمع بأن عمر شرط ذلك الشرط بعد أن أمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم به، فمن الرواة من رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومنهم من وقفه على عمر لوقوعه منه امتثالا للامر الواقع منه صلى الله عليه وآله وسلم به. قوله: وذوي القربى قال في الفتح: يحتمل أن يكون المراد بهم من ذكر في الخمس، ويحتمل أن يكون المراد
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست