الدارقطني: قال عمران بن جرير عن عكرمة عن عائشة: كان حرا وهو وهم في شيئين: في قوله كان حرا، وفي قوله عن عائشة، وإنما هو من رواية عكرمة عن ابن عباس، ولم يختلف على ابن عباس أنه كان عبدا، وكذا جزم الترمذي عن ابن عمر.
وقال ابن القيم في الهدى: إن حديث عائشة رواه ثلاثة: الأسود وعروة والقاسم. فأما الأسود فلم يختلف عنه أنه كان حرا. وأما عروة فعنه روايتان صحيحتان متعارضتان:
إحداهما أنه كان حرا، والثانية أنه كان عبدا. وأما عبد الرحمن بن القاسم فعنه روايتان صحيحتان: إحداهما أنه كان حرا، والثانية الشك انتهى. وقد عرفت مما سلف ما يخالف هذا، وعلى فرض صحته فغاية الامر أن الروايات عن عائشة متعارضة فيرجع إلى رواية غيرها، وقد عرفت أنها متفقة على الجزم بكونه عبدا. وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان الزوج حرا هل يثبت للزوجة الخيار أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه لا يثبت، وجعلوا العلة في الفسخ عدم الكفاءة، لأن المرأة إذا صارت حرة وكان زوجها عبدا لم يكن كفؤا لها، ويؤيد هذا قول عائشة في حديث الباب: ولو كان حرا لم يخيرها، ولكنه قد تعقب ذلك بأن هذه الزيادة مدرجة من قول عروة، كما صرح بذلك النسائي في سننه، وبينه أيضا أبو داود في رواية مالك، ولو سلم أنه من قولها فهو اجتهاد وليس بحجة. وذهبت العترة والشعبي والنخعي والثوري والحنفية إلى أنه يثبت الخيار ولو كان الزوج حرا، وتمسكوا أولا بتلك الرواية التي فيها أنه كان زوج بريرة حرا، وقد عرفت عدم صلاحية ذلك للتمسك به، ومما يصلح للتمسك به ما وقع في بعض روايات حديث بريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: ملكت نفسك فاختاري فإن ظاهر هذا مشعر بأن السبب في التخيير هو ملكها لنفسها وذلك مما يستوي فيه الحر والعبد. وقد أجيب عن ذلك بأنه يحتمل أن المراد من ذلك أنها استقلت بأمر النظر في مصالحها من غير إجبار عليها من سيدها كما كانت من قبل يجبرها سيدها على الزوج. ومن جملة ما يصلح للاحتجاج به على عدم الفسخ إذا كان الزوج حرا ما في سنن النسائي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أيما أمة كانت تحت عبد فعتقت فهي بالخيار ما لم يطأها زوجها وفي إسناده حسين بن عمرو بن أمية الضمري وهو مجهول وأخرج النسائي أيضا عن القاسم بن محمد قال: كان لعائشة غلام وجارية قالت: فأردت أن أعتقهما، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله