على أن الزرع تابع للأرض، ولا يخفى أن حديث رافع بن خديج أخص من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس لعرق ظالم حق مطلقا فيبنى العام على الخاص، وهذا على فرض أن قوله: ليس لعرق ظالم حق يدل على أن الزرع لرب البذر فيكون الراجح ما ذهب إليه أهل القول الأول من أن الزرع لصاحب الأرض إذا استرجع أرضه والزرع فيها، وأما إذا استرجعها بعد حصاد الزرع فظاهر الحديث أنه أيضا لرب الأرض، ولكنه إذا صح الاجماع على أنه للغاصب كان مخصصا لهذه الصورة.
وقد روي عن مالك وأكثر علماء المدينة مثل ما قاله الأولون. وفي البحر: أن مالكا والقاسم يقولان: الزرع لرب الأرض، واحتج لما ذهب إليه الجمهور من أن الزرع للغاصب بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: الزرع للزارع وإن كان غاصبا ولم أقف على هذا الحديث فينظر فيه. وقال ابن رسلان: إن حديث: ليس لعرق ظالم حق ورد في الغرس الذي له عرق مستطيل في الأرض، وحديث رافع ورد في الزرع، فيجمع بين الحديثين ويعمل بكل واحد منهما في موضعه، ولكن ما ذكرناه من الجمع أرجح ، لأن بناء العام على الخاص أولى من المصير إلى قصر العام على السبب من غير ضرورة، والمراد بقوله: وله نفقته ما أنفقه الغاصب على الزرع من المؤنة من الحرث والسقي وقيمة البذر وغير ذلك. وقيل: المراد بالنفقة قيمة الزرع فتقدر قيمته ويسلمها المالك والظاهر الأول. قوله: وليس لعرق ظالم حق قد تقدم ضبطه وتفسيره في أول كتاب الاحياء. قوله: وأمر صاحب النخل الخ، فيه دليل على أنه يجوز الحكم على من غرس في أرض غيره غروسا بغير إذنه بقطعها. قال ابن رشد في النهاية:
أجمع العلماء على أن من غرس نخلا أو ثمرا وبالجملة نباتا في غير أرضه أنه يؤمر بالقلع، ثم قال: إلا ما روي عن مالك في المشهور أن من زرع فله زرعه وكان على الزارع كراء الأرض. وقد روي عنه ما يشبه قول الجمهور ثم قال: وفرق قوم بين الزرع والثمار إلى آخر كلامه. قوله: عم بضم المهملة وتشديد الميم جمع عميمة وهي الطويلة. وفي القاموس ما يدل على أنه يجوز فتح أوله لأنه قال بعد تفسيره بالنخل الطويل ويضم.