تصرف في أكثر منه كان مخالفا لحكم الله تعالى ومشابها لمن وهب غير ماله. قوله:
فجزأهم بتشديد الزاي وتخفيفها لغتان مشهورتان أي قسمهم، وظاهره أنه اعتبر عدد أشخاصهم دون قيمتهم، وإنما فعل ذلك لتساويهم في القيمة والعدد. قال ابن رسلان:
فلو اختلفت قيمتهم لم يكن بد من تعديلهم بالقيمة مخافة أن يكون ثلثهم في العدد أكثر من ثلث الميت في القيمة. قوله:
رجلة بفتح الراء وسكون الجيم جمع رجل. قوله: ما صلينا عليه هذا أيضا من تفسير القول الشديد المبهم في الرواية المتقدمة. (والحديثان) يدلان على أن تصرفات المريض إنما تنفذ من الثلث ولو كانت منجزة في الحال ولم تضف إلى بعد الموت، وقد قدمنا حكاية الاجماع على المنع من الوصية بأزيد من الثلث لمن كان له وارث، والتنجيز حال المرض المخوف حكمه حكم الوصية. واختلفوا هل يعتبر ثلث التركة حال الوصية أو حال الموت؟ وهما وجهان للشافعية أصحهما الثاني، وبه قال أبو حنيفة وأحمد والهادوية، وهو قول علي رضي الله عنه وجماعة من التابعين. وقال بالأول مالك وأكثر العراقيين والنخعي وعمر بن عبد العزيز، وتمسكوا بأن الوصية عقد والعقود تعتبر بأولها، وبأنه لو نذر أن يتصدق بثلث ماله اعتبر ذلك حال النذر اتفاقا، وأجيب بأن الوصية ليست عقدا من كل وجه، ولذلك لا يعتبر فيها الفورية ولا القبول، وبالفرق بين النذر والوصية بأنها يصح الرجوع فيها والنذر يلزم، وثمرة هذا الخلا ف تظهر فيما لو حدث له مال بعد الوصية، واختلفوا أيضا هل يحسب الثلث من جميع المال أو يتقيد بما علمه الموصي دون ما خفي عليه، أو تجدد له ولم يعلم به؟ وبالأول قال الجمهور، وبالثاني قال مالك. وحجة الجمهور أنه يشترط أن يستحضر مقدار المال حال الوصية اتفاقا ولو كان عالما بجنسه، فلو كان العلم به شرطا لما جاز ذلك.
باب وصية الحربي إذا أسلم ورثته هل يجب تنفيذها عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن العاص بن وائل أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة، فأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية فقال: يا رسول الله إن أبي أوصى بعتق مائة رقبة وإن هشاما أعتق