بلغت الحلقوم أي قاربت بلوغه، إذ لو بلغته حقيقة لم يصح شئ من تصرفاته، والحلقوم مجرى النفس. قاله أبو عبيدة. قوله: قلت لفلان كذا الخ، قال في الفتح:
الظاهر أن هذا المذكور على سبيل المثال. وقال الخطابي: فلان الأول والثاني الموصى له، وفلان الأخير الوارث، لأنه إن شاء أبطله وإن شاء أجازه. وقال غيره: يحتمل أن يكون المراد بالجميع من يوصى له، وإنما أدخل كان في الثالث إشارة إلى تقدير القدر له بذلك. وقال الكرماني: يحتمل أن يكون الأول للوارث، والثاني الموروث، والثالث الموصى له. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون بعضها وصية وبعضها إقرارا. (والحديث يدل) على أن تنجيز وفاء الدين والتصدق في حال الصحة أفضل منه حال المرض، لأنه في حال الصحة يصعب عليه إخراج المال غالبا لما يخوفه به الشيطان ويزين له من إمكان طول العمر والحاجة إلى المال كما قال تعالى: * (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء) * (سورة البقرة، الآية: 268) وفي معنى الحديث قوله تعالى: * (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت) * (سورة المائدة، الآية: 106) الآية. وفي معناه أيضا ما أخرج الترمذي بإسناد حسن وصححه ابن حبان عن أبي الدرداء مرفوعا. قال: مثل الذي يعتق ويتصدق عند موته مثل الذي يهدي إذا شبع. وأخرج أبو داود وصححه ابن حبان من حديث أبي سعيد مرفوعا لأن يتصدق الرجل في حياته وصحته بدرهم خير له من أن يتصدق عند موته بمائة.
وعن أبي هريرة: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فيجب لهما النار ثم قرأ أبو هريرة: من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله، إلى قوله: وذلك الفوز العظيم رواه أبو داود والترمذي. ولأحمد وابن ماجة معناه وقالا فيه: سبعين سنة.
الحديث حسنه الترمذي وفي إسناده شهر بن حوشب، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة. ووثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، ولفظ أحمد وابن ماجة الذي أشار إليه المصنف: أن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وأن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيدخل الجنة وفيه وعيد شديد وزجر بليغ وتهديد، لان