نيل الأوطار - الشوكاني - ج ٦ - الصفحة ٣١٧
عندي ما أتزوج به، قال: أليس معك قل هو الله أحد؟. وأجاب بعضهم عن الحديث بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زوجها إياه لأجل ما معه من القرآن الذي حفظه وسكت عن المهر، فيكون ثابتا في ذمته إذا أيسر كنكاح التفويض، ويؤيده ما في حديث ابن عباس حيث قال فيه: فإذا رزقك الله فعوضها قال في الفتح: لكنه غير ثابت. وأجاب البعض باحتمال أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زوجه لأجل ما حفظه من القرآن وأصدق عنه، كما كفر عن الذي واقع امرأته في رمضان، ويكون ذكر القرآن وتعليمه على سبيل التحريض على تعلم القرآن وتعليمه والتنويه بفضل أهله، وأجيب بما تقدم من التصريح بجعل التعليم عوضا. وقد ذهب إلى جواز جعل المنفعة صداقا الشافعي وإسحاق والحسن بن صالح، وبه قالت العترة، وعند المالكية فيه خلاف، ومنعه الحنفية في الحر وأجازوه في العبد إلا في الإجارة على تعليم القرآن فمنعوه مطلقا بناء على أصلهم في أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن لا يجوز، وقد تقدم الكلام على ذلك.
وقد نقل القاضي عياض جواز الاستئجار لتعليم القرآن عن العلماء كافة إلا الحنفية.
وقال ابن العربي من العلماء: من قال زوجه على أن يعلمها من القرآن فكأنها كانت إجارة، وهذا كرهه مالك ومنعه أبو حنيفة. وقال ابن القاسم: يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده، قال: والصحيح جوازه بالتعليم. وقال القرطبي: قوله علمها نص في الامر بالتعليم، والسياق يشهد بأن ذلك لأجل النكاح، فلا يلتفت لقول من قال:
إن ذلك كان إكراما للرجل، فإن الحديث مصرح بخلافه، وقولهم: إن الباء بمعنى اللام ليس بصحيح لغة ولا مساقا (وفي الحديث) فوائد منها ثبوت ولاية الامام على المرأة التي لا قريب لها، وقد أطال الكلام على ما يتعلق بالحديث من الفوائد في الفتح وذكر أكثر من ثلاثين فائدة، فمن أحب الوقوف على ذلك فليرجع إليه.
باب من تزوج ولم يسم صداقا عن علقمة قال: أتي عبد الله في امرأة تزوجها رجل ثم مات عنها ولم يفرض لها صداقا ولم يكن دخل بها، قال: فاختلفوا إليه فقال: أرى لها مثل مهر نسائها ولها الميراث وعليها العدة، فشهد معقل بن سنان الأشجعي أن النبي صلى الله عليه
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»
الفهرست