قال الحافظ: قد صحت هذه الزيادة فتعين المصير إليها اه. وهذا هو الحق. فترد اللقطة لمن وصفها بالصفات التي اعتبرها الشارع، وأما إذا ذكر صاحب اللقطة يعض الأوصاف دون بعض كأن يذكر العفاص دون الوكاء أو العفاص دون العدد فقد اختلف في ذلك فقيل: لا شئ له إلا بمعرفة جميع الأوصاف المذكورة، وقيل: تدفع إليه إذا جاء ببعضها، وظاهره الحديث الأول.
وظاهره أيضا أن مجرد الوصف يكفي ولا يحتاج إلى اليمين، وهذا إذا كانت اللقطة لها عفاص ووكاء وعدد، فإن كان لها البعض من ذلك فالظاهر أنه يكفي ذكره، وإن لم يكن لها شئ من ذلك فلا بد من ذكر أوصاف مختصة بها تقوم مقام وصفها بالأمور التي اعتبرها الشارع. قوله: وإلا فاستمتع بها الامر فيه للإباحة. وكذا في قوله:
فاستنفقها وقد اختلف العلماء فيما إذا تصرف الملتقط في اللقطة بعد تعريفها سنة ثم جاء صاحبها هل يضمنها له أم لا؟ فذهب الجمهور إلى وجوب الرد إن كانت العين موجودة، أو البدل إن كانت استهلكت، وخالف في ذلك الكرابيسي صاحب الشافعي ، ووافقه صاحباه البخاري وداود بن علي إمام الظاهرية، لكن وافق داود الجمهور إذا كانت العين قائمة، ومن أدلة قول الجمهور ما تقدم بلفظ: ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها الخ، وكذلك قوله: فإن جاء صاحبها فلا تكتم فهو أحق بها الخ، وفي رواية للبخاري من حديث زيد بن خالد: فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها فإن جاء صاحبها فأدها إليه أي بدلها، لأن العين لا تبقى بعد أكلها وفي رواية لأبي داود : فإن جاء باغيها فأدها إليه وإلا فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها فإن جاء باغيها فأدها إليه فأمر بأدائها إليه قبل الاذن في أكلها وبعده. وفي رواية لأبي داود أيضا: فإن جاء صاحبها دفعتها إليه وإلا عرفت وكاءها وعفاصها ثم اقبضها في مالك فإن جاء صاحبها فادفعها إليه والمراد بقوله: اقبضها في مالك اجعلها من جملة ما لك وهو بالقاف وكسر الباء من الاقباض. قال ابن رشد اتفق فقهاء الأمصار مالك والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي أن له أن يتصرف فيها، ثم قال مالك والشافعي: له أن يتملكها، وقال أبو حنيفة: ليس له إلا أن يتصدق بها. وروي مثل قوله عن علي وابن عباس وجماعة من التابعين. وقال الأوزاعي: إن كان مالا كثيرا جعله في بيت المال، وروي مثل قول مالك والشافعي عن عمر وابن مسعود وابن عمر، وكلهم متفق على أنه إن أكلها ضمنها لصاحبها إلا أهل الظاهر اه. قال في البحر مسألة: ولا يضمن الملتقط إجماعا إلا لتفريط أو جناية إذ هو أمين، حيث لم يؤخذ لغرض نفسه، فإن جنى أو فرط فالأكثر يضمن،