بعض، ولذلك نسب عمر إلى علي وعباس أنهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما، كما وقع في صحيح البخاري وغيره. وأما مخاصمتهما بعد ذلك عند عمر فقال إسماعيل القاضي فيما رواه الدارقطني من طريقه: لم يكن في الميراث إنما تنازعا في ولاية الصدقة وفي صرفها كيف تصرف؟ كذا قال، لكن في رواية النسائي وعمر بن شبة من طريق أبي البختري ما يدل على أنهما أرادا أن يقسم بينهما على سبيل الميراث، ولفظه في آخره: ثم جئتماني الآن تختصمان يقول هذا: أريد نصيبي من ابن أخي، ويقول هذا: أريد نصيبي من امرأتي، والله لا أقضي بينكما إلا بذلك أي إلا بما تقدم من تسليمها لهما على سبيل الولاية. وكذا وقع عند النسائي من طريق عكرمة بن خالد عن مالك بن أوس نحوه. وفي السنن لأبي داود وغيره: أراد أن عمر يقسمها بينهما لينفرد كل منهما بنظر ما يتولاه، فامتنع عمر من ذلك، وأراد أن لا يقع عليهما اسم القسمة، ولذلك أقسم على ذلك. وعلى هذا اقتصر أكثر شراح الحديث واستحسنوه وفيه من النظر ما تقدم. وأعجب من ذلك جزم ابن الجوزي ثم الشيخ محيي الدين بأن عليا وعباسا لم يطلبا من عمر إلا ذلك، مع أن السياق في صحيح البخاري صريح في أنهما جاءا مرتين في طلب شئ واحد، لكن العذر لابن الجوزي والنووي أنهما شرحا اللفظ الوارد في مسلم دون اللفظ الوارد في البخاري. وأما ما ثبت في الصحيح من قولهما: جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك فإنما عبر بذلك لبيان قسمة الميراث كيف يقسم بينهم لو كان هناك ميراث، لا أنه أراد الغض منهما بهذا الكلام وزاد الإمامي عن ابن شهاب عن عمر بن شبة ما لفظه: فأصلحا أمركما وإلا لم يرجع والله إليكما. قوله: ولكن أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعول الخ، فيه دليل على أنه يتوجه على الخليفة القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعول من كان الرسول صلوات الله عليه وآله وسلم يعوله، وينفق على من كان الرسول ينفق عليه.
(١٩٨)