لم يختلفوا في أن من باع حرا أنه لا قطع عليه، يعني إذا لم يسرقه من حرز مثله، إلا ما يروى عن علي عليه السلام أنه تقطع يد من باع حرا، قال: وكان في جواز بيع الحر خلاف قديم، ثم ارتفع فروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: من أقر على نفسه بأنه عبد فهو عبد. وروى ابن أبي شيبة من طريق قتادة أن رجلا باع نفسه فقضى عمر بأنه عبد وجعل ثمنه في سبيل الله. ومن طريق زرارة بن أوفى أحد التابعين أنه باع حرا في دين ونقل ابن حزم أن الحر كان يباع في الدين حتى نزلت: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * (سورة البقرة، الآية: 280) ونقل عن الشافعي مثل ذلك ولا يثبت أكثر أصحابه. وقد استقر الاجماع على المنع. قوله: ولم يوفه أجره هو في معنى من باع حرا وأكل ثمنه لأنه استوفى منفعته بغير عوض فكأنه أكلها، ولأنه استخدمه بغير أجرة فكأنه استعبده. قوله: إنما يوفى أجره إذا قضى عمله فيه دليل على أن الأجرة تستحق بالعمل، وأما الملك فعند العترة وأبي حنيفة وأصحابه إنما تملك بالعقد فتتبعها أحكام الملك. وعند الشافعي وأصحابه أنها تستحق بالعقد وهذا في الصحيحة، وأما الفاسدة فقال في البحر: لا تجب بالعقد إجماعا وتجب بالاستيفاء إجماعا. قوله: فهو ضامن فيه دليل على أن متعاطي الطب يضمن ما حصل من الجناية بسبب علاجه، وأما من علم منه أنه طبيب فلا ضمان عليه وهو من يعرف العلة ودواءها، وله مشايخ في هذه الصناعة شهدوا له بالحذف فيها وأجازوا له المباشرة.
كتاب الوديعة والعارية عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا ضمان على مؤتمن رواه الدارقطني.
الحديث قال الحافظ: في إسناده ضعف. وأخرجه الدارقطني من طريق أخرى عنه بلفظ: ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان وقال:
إنما نروي هذا عن شريح غير مرفوع. قال الحافظ: وفي إسناده ضعيفان. قوله:
الوديعة هي في اللغة مأخوذة من السكون، يقال: ودع الشئ يدع إذا سكن فكأنها ساكنة عند المودع. وقيل: مأخوذة من الدعة وهي خفض العيش لأنها غير مبتذلة بالانتفاع. وفي الشرع: العين التي يضعها مالكها عند آخر ليحفظها وهي