للنجاشي عند بعثه صلى الله عليه وآله وسلم بها، فإذا مات بعد ذلك وقبل وصولها إليه صارت لورثته، وإلى اعتبار القبول في الهبة ذهب الشافعي ومالك والناصر والهادوية والمؤيد بالله في أحد قوليه، وذهب بعض الحنفية والمؤيد بالله في أحد قوليه إلى أن الايجاب كاف، وقد تمسك بحديث أم كلثوم أحمد وإسحاق فقالا في الهدية التي مات من أهديت إليه قبل وصولها: إن كان حاملها رسول المهدى رجعت إليه، وإن كان حاملها رسول المهدى إليه فهي لورثته، وذهب الجمهور إلى أن الهدية لا تنتقل إلى المهدى إليه إلا بأن يقبضها هو أو وكيله. وقال الحسن: أيهما مات فهي لورثه المهدى له إذا قبضها الرسول. قال ابن بطال: وقول مالك كقول الحسن. وروى البخاري عن أبي عبيدة تفصيلا بين أن تكون الهدية قد انفصلت أم لا مصيرا منه إلى أن قبض الرسول يقوم مقام قبض المهدى إليه. وحديث أم كلثوم هذا أخرجه أيضا الطبراني والحاكم، وحسن صاحب الفتح إسناده. قوله: ولا أرى النجاشي إلا قد مات قد سبق في صلاة الجنازة ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعلم أصحابه بموت النجاشي على جهة الجزم وصلى هو وهم عليه، وتقدم أنه رفع له نعشه حتى شاهده، وكل ذلك يخالف ما وقع من تظننه صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الرواية.
وعن أنس قال: أتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمال من البحرين فقال: انثروه في المسجد، وكان أكثر مال أتي به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ جاءه العباس فقال: يا رسول الله أعطني فإني فاديت نفسي وعقيلا، قال: خذ، فحثى في ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: مر بعضهم يرفعه إلي، قال: لا، قال: ارفعه أنت علي، قال: لا، فنثر منه، ثم ذهب يقله فلم يرفعه قال: مر بعضهم برفعه علي قال: لا، قال ارفعه أنت علي، قال: لا، فنثر منه، ثم احتمله على كاهله ثم انطلق، فما زال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتبعه بصره حتى خفي علينا عجبا من حرصه، فما قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وثم منها درهم رواه البخاري، وهو دليل على جواز التفضيل في ذوي القربى وغيرهم، وترك تخميس الفئ، وأنه متى كان في الغنيمة ذو رحم لبعض الغانمين لم يعتق عليه. وعن عائشة: أن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: يا بنية إني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا ولو كنت جددته واحترثته كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله