وسيأتي تحقيق ما هو الحق وتفصيل بعض المذاهب والإشارة إلى حجة كل طائفة ودفعها.
باب فساد العقد إذا شرط أحدهما لنفسه التبن أو بقعة بعينها ونحوه عن رافع بن خديج قال: كنا أكثر الأنصار حقلا، فكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك فأما الورق فلم ينهنا أخرجاه. وفي لفظ: كنا أكثر أهل الأرض مزدرعا، كذا نكري الأرض بالناحية منها تسمى لسيد الأرض، قال: فربما يصاب ذلك وتسلم الأرض، وربما تصاب الأرض ويسلم ذلك فنهينا، فأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ رواه البخاري. وفي لفظ: قال إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع، فيهلك هذا، ويسلم هذا، ويسلم هذا، ويهلك هذا، ولم يكن للناس كرى إلا هذا فلذلك زجر عنه، فأما شئ معلوم مضمون فلا بأس به رواه مسلم وأبو داود والنسائي. وفي رواية عن رافع: قال: حدثني عماي أنهما كانا يكريان الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما ينبت على الأربعاء وبشئ يستثنيه صاحب الأرض، قال: فنهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك رواه أحمد والبخاري والنسائي. وفي رواية عن رافع: أن الناس كانوا يكرون المزارع في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالماذيانات وما يسقي الربيع وشئ من التبن، فكره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كري المزارع بهذا ونهى عنها رواه أحمد.
قوله: حقلا أي أهل مزارعة. قال في القاموس: المحاقل المزارع، والمحاقلة بيع الزرع قبل بدو صلاحه أو بيعه في سنبلة بالحنطة أو المزارعة بالثلث والربع أو أقل أو أكثر، أو إكراء الأرض بالحنطة اه. قوله: فنهانا عن ذلك أي عن كري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فيصلح التمسك بهذا المذهب من قال: إن النهي عنه إنما هو هذا النوع ونحوه من المزارعة. وقد حكي في الفتح عن الجمهور أن النهي محمول على الوجه المفضي إلى الغرر والجهالة لا عن إكرائها مطلقا حتى بالذهب